تعتزم مصر التوسع في ملف تصدير العقار وجعل القطاع أكثر جذبًا للاستثمارات الفترة المقبلة. إذ تعمل الحكومة المصرية على خطة لزيادة الصادرات وتسهيل إجراءات تصدير العقار المصري.

في السنوات الأخيرة، دشنت مصر حوالي 40 مدينة جديدة، بالإضافة إلى العاصمة الإدارية الجديدة في شرق القاهرة. لقد أضافت هذه المدن مجتمعة أصولًا تقدر بـ 500 مليار دولار أمريكي إلى محفظة الدولة المصرية.

وفي هذا التقرير، تناقش «إنفستجيت» ملف تصدير العقار بمزيد من التفصيل مع الدكتورة سوزانا المساح، أستاذة الاقتصاد والتنمية المستدامة بجامعتي القاهرة وزايد.

قالت المساح إن القطاع العقاري يمثل نحو 25% من الناتج المحلي الإجمالي لمصر، كما يسهم في تنمية مجموعة واسعة من الصناعات. يشهد سوق العقار المصري انتعاشًا كبيرًا في جانب العرض، لاسيما في مناطق مثل العاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة ومدينة الجلالة. يتجاوز حجم التعاملات العالمية لسوق تصدير العقار 200 إلى 300 مليار دولار سنويًا، في حين لا تتعدى نسبة مصر في هذا السوق 0.1%.

وفي الآونة الأخيرة، أبدت الحكومة المصرية اهتمامًا كبيرًا بفكرة “تصدير العقار”، وهو ما ظهر جليًا خلال مؤتمر الدولة الاقتصادي الذي عقد في أكتوبر 2022؛ حيث أعلنت الحكومة عن سعيها نحو خارطة طريق لتطوير القطاع العقاري لتحفيز الاستثمار الأجنبي وفتح أسواقًا جديدة لبيع العقار المصري للأجانب.

مصر وتصدير العقار: خطوة مثمرة

وكشفت المساح أن فكرة تصدير العقار تتماشى مع فائض العرض في السوق العقاري المحلي نتيجة ارتفاع تكلفة الإنتاج المنعكسة في أسعار السوق، بالإضافة إلى متطلبات الضريبة العقارية، وهو ما لا يتلاءم مع مستويات الطلب الفعال للشريحة الأكبر من المصريين.

إن مصر وجهة مثالية للاستثمار العقاري؛ فهي تتمتع بمناخ معتدل طوال العام، فضلًا عن ارتفاع مستويات الأمن والاستقرار بها مقارنة بالعديد من نظرائها من دول المنطقة. ومع إعلان المبادرة الرئاسية عن استهداف 100 مليار دولار صادرات، يمكن أن يساهم قطاع العقار بشكل كبير في تحقيق هذا الهدف. ويمكن أن تساهم عوائد تصدير العقار في دفع عجلة النمو الاقتصادي ورفع مستوى الناتج المحلي الإجمالي، فضلًا عن تخفيف العبء عن الميزان التجاري وجذب واستقطاب العملة الأجنبية.

الشريحة المستهدفة

وأكدت المساح أن القطاع العقاري المصري يتسم بتنوع المشروعات بين سكنى وتجارى وإداري وفندقي، بأسعار متفاوتة تستهدف شرائح متنوعة من العملاء الأجانب. كما تابعت أن الدولة المصرية قامت بإقرار إقامة الأجانب حال شراءهم وحدات عقارية. فعلى سبيل المثال، يحصل الأجنبي على إقامة تجدد سنويًا حال شراءه عقار بقيمة 100,000 دولار أمريكي، في حين يحصل على إقامة تجدد كل 3 سنوات حال شراءه عقار بقيمة 200,000 دولار أمريكي، ويحصل على إقامة لمدة خمس سنوات عند شراءه عقار بقيمة 400,000 دولار.

تحديات تصدير العقار

على الرغم من كون سوق العقار المصري أحد القطاعات الواعدة والجاذبة للاستثمار الأجنبي، خاصة في ظل النهضة العمرانية التي تشهدها الدولة طيلة السبع سنوات الأخيرة، فإن هناك مجموعة من العوائق التي ترفع مستويات مخاطر استثمار الأجانب في العقار المصري.

يأتي على رأس هذه المخاطر أزمة الثقة بين بائع العقار والمشتري الأجنبي. ويرجع ذلك إلى انخفاض الكفاءة التنظيمية لقطاع العقار في مصر، الأمر الذي يصعب تنفيذ الإجراءات اللازمة لتسجيل وترخيص ونقل ملكية العقار. وتتضاعف صعوبة التسجيل في حالة شراء العقار قيد الإنشاء.

مقترحات التيسير

أوضحت المساح أنه لنجاح تجربة تصدير العقار المصري، يجب على الحكومة المصرية تقديم حزمة من الإجراءات التحفيزية والإصلاحات التشريعية على النحو الذي يخلق ميزة تنافسية للعقار المصري عند مقارنته بالعقار في دول أخرى حول العالم. ومن ثم، يلزم بداية إنشاء هيئة منظمة موحدة لقطاع العقار تتضمن كافة بيانات الوحدات العقارية في مصر وتكون مرجعية لكل من المطور والعميل. علاوة على ذلك، يجب إنشاء بوابة إلكترونية تحتوي على كافة الإجراءات المتعلقة بالتسجيل ونقل الملكية.

علاوةً على ذلك، لابد من تسهيل إجراءات تسجيل العقار ونقل ملكيته، وخاصة العقارات تحت الإنشاء لرفع صادرات القطاع. كذلك يلزم توفير نوعية عقارات تناسب احتياجات العملاء الأجانب. فعلى سبيل المثال، يفضل المشتري العربي والخليجي وحدات صغيرة ومتوسطة كاملة التشطيب تتمتع بخدمات متكاملة. أما في بعض المناطق مثل العاصمة الإدارية، يرتفع الطلب على المكاتب التجارية والإدارية، في حين يرتفع الطلب على الشاليهات والفيلات بمنطقتي الساحل الشمالي والعلمين. ومن ثم، يتطلب الأمر إجراء دراسة وافية ومتعمقة للسوق الأجنبي للوقوف على متطلبات المستثمرين الأجانب.

واختتمت المساح قائلة إنه من الضروري كذلك تدشين حملات دعائية وتسويقية تتضمن منح ومزايا تملك العقار المصري، وكذا المشاركة في المعارض الدولية والاستفادة من منصات التواصل الاجتماعي للترويج للعقار المصري. كما يمكن للبنوك القيام بدور كبير في تصدير العقار من خلال تقديم التمويل العقاري لجذب العملاء الأجانب واستلام المدفوعات بالعملات الأجنبية، إلى جانب تأهيل مكاتب المحاماة والمطورين والوسطاء العقاريين للتعامل بمهنية مع المشترين الأجانب في عملية البيع والشراء وأمور ما بعد البيع.