ترجمة: عمرو حسني
يعد قطاع التجزئة في مصر أحد القطاعات الواعدة؛ وذلك، بسبب ارتفاع عدد السكان الأخذ في الزيادة، بجانب ارتفاع مستويات الأجور، مما أدى إلى زيادة إنفاق الأسر في جميع القطاعات الفرعية لتجارة التجزئة.
سيتيح الإنفاق فرص استهلاكية واسعة في السوق المصري في ظل زيادة مشتريات الشباب عقب ارتفاع مستويات الأجور الفترة الأخيرة فيما يخص المواد غير الأساسية والإبداعية.
ويمثل الشباب ثلث السكان في مصر، حيث تتراوح الأعمار بين 20-39 عامًا، وهذا يعكس زيادة إنفاق الأسر في قطاع التجزئة خاصة في مراكز التسوق المختلفة، التي تجذب المستهلكين الشباب الساعين لشراء علامات تجارية عالمية بشغف بشكل متسارع.
وعلى الرغم من أن سوق التجزئة المصري لا يزال يعتمد على الجهود الفردية، وسط هيمنة المتاجر الصغيرة والمتاجر التي تديرها العائلات في المناطق المكتظة بالسكان، إلا أن عدد المستهلكين المعتمدين على الأساليب الحديثة في قطاع البيع بالتجزئة يزداد.
وبدأت الحصة السوقية لمحلات الأحياء الصغيرة في الانخفاض (5% سنويًا) في ظل نمو قطاع التجزئة الحديث، في الوقت الذي شهد المستهلكون المصريون تجربة تسوق جديدة، مع ظهور قطاع التجزئة للبقالة على نطاق واسع.
أداء قطاع التجزئة البارز في النصف الأول من 2023
قال إبراهيم عشماوي، مساعد أول وزير التموين والتجارة الداخلية ورئيس جهاز تنمية التجارة الداخلية: “بلغ حجم قطاع التجزئة في مصر 1.4 تريليون جنيه”.
وأوضح عشماوي أن الحرب الروسية الأوكرانية أثرت على الاقتصاد العالمي بعد بداية التعافي من الوباء، كما أثرت الحرب سلبًا على قطاعات الطاقة والغذاء والنقل والأسواق المالية.
وأضاف عشماوي أن القطاعات الأكثر تضررًا هي سلاسل التوريد، فكان من المتوقع أن يصل معدل النمو الاقتصادي العالمي إلى 5.6%، لكن ذلك لم يحدث الآن. وتابع أن هذه الأزمة أثرت على مصر، مما أدى إلى اتخاذ العديد من الإجراءات الحكومية للتخفيف من حدتها.
يذكر أن حجم مبيعات قطاع تجارة التجزئة بلغ 55 مليار جنيه، وارتفع إجمالي مبيعات قطاع التجزئة على مستوى العالم إلى 25 تريليون دولار، بحسب تصريحات عشماوي الأخيرة.
توقعات مشجعة لأداء 2023
وسلط مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار (IDSC) الضوء على تقرير الوكالة الأمريكية «فيتش» حول «قطاع تجارة التجزئة في مصر»، الذي أشار إلى أن هذا القطاع في مصر يتطور بشكل مطرد، مع اتجاه المستهلكين لتجارة التجزئة الرسمية، خاصة في المدن الكبرى مثل القاهرة والإسكندرية.
وبحسب التقرير، ستسجل تجارة التجزئة الإلكترونية في مصر نموًا قويًا خلال السنوات المقبلة، مدعومًا بتوصيل خدمات الإنترنت في المناطق الحضرية وتحسين الخدمات اللوجستية.
وأشار التقرير إلى أن «كارفور» أعلن، في يناير 2023، عن خطط قوية للاستثمار في السوق المصري، منها 400 مليون جنيه عام 2023، ونحو 750 مليون جنيه حتى عام 2025. وتوجه هذه المبالغ لفتح متاجر جديدة وتحديث المتاجر القائمة، ومن المتوقع أن تعزز هذه الاستثمارات أداء سوق التجزئة في مصر في النصف الثاني من عام 2023.
ويستعد قطاع تجارة التجزئة في مصر لتحقيق نمو قوي خلال المذكورة، في ظل توقعات الوكالة المعتمدة على خلفية معدلات الاستثمار المرتفعة في الصناعة، والدخل المرتفع، والتكوين الديموغرافي المتنوع للسكان، وأبرزها ارتفاع عدد الشباب، لأن هذا يمكن المستهلكين من الحصول على السلع والمنتجات من متاجر التجزئة الرسمية، وفقًا للتقرير.
ويتوقع الخبراء تحقيق نسبة السكان الكبيرة والشبابية في مصر مكاسب ديموغرافية كبيرة للمستثمرين في قطاع التجزئة المنظم، يبلغ عدد سكان مصر أكثر من 100 مليون شخص، 58% منهم تحت 30 عامًا، وهذه التوقعات وفقًا لأخر تحديثات السوق.
سوف يستفيد تجار التجزئة من سوق استهلاكية كبيرة ومتنوعة، وسيؤدي العدد المتزايد من الشباب (20-39 عامًا) أيضًا إلى زيادة المبيعات في قطاع التجزئة الرسمي للأغذية، خاصة أن هذه المجموعة البشرية تتبنى أنماط استهلاك حديثة ومستعدة لإجراء عمليات شراء ذات قيمة أعلى.
وتشير التوقعات إلى أن الشباب سيشكلون حوالي 30% من إجمالي عدد السكان خلال 5 سنوات المقبلة، كما ذكر الخبراء أن زيادة مستويات الدخل من شأنها أن تعزز مبيعات المواد الغذائية والمشروبات في قطاع التجزئة.
جهود مصر لتفادي تأثير التضخم على قطاع العقارات وسوق التجزئة
نجحت مصر في التغلب على الآثار السلبية لوباء «كوفيد-19» والتضخم، حيث بلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 3.5% في عام 2020 و3.3% أخرى في عام 2021، وهذا الأمر سيجعل قطاع التجزئة أكثر أمانًا وارتياحًا للمستثمرين المستفيدين من هذا الأمر.
وتعد مصر الدولة الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي تمكنت من تجنب حدوث انخفاض في الناتج المحلي الإجمالي منذ بداية الوباء.
نما الاقتصاد بنسبة 5% في المتوسط، على مدى السنوات الـ 7 الماضية ، بسبب الإصلاحات الاقتصادية المختلفة التي نجحت في زيادة الاستثمار الأجنبي والاستهلاك المحلي.
ومن المتوقع أن يحقق الاقتصاد المصري نموًا بنسبة 4% العام الحالي بعد نما بنحو 6.6% في عام 2022، بحسب بيانات صندوق النقد الدولي.
الصفقات الرئيسية المتوقعة في قطاع التجزئة في عام 2023
تنوي شركة «كارفور»، المملوكة والتي تقوم بتشغليها «ماجد الفطيم» في مصر، استثمار أكثر من 400 مليون جنيه في السوق المصري في عام 2023 ومضاعفة هذا المبلغ ليصل إلى 750 مليون جنيه حتى عام 2025، بحسب تصريحات فيليب بجويلهان، المدير الإقليمي لشركة «ماجد الفطيم للتجزئة» في مصر.
وبالاطلاع على النتائج السابقة، فإن كل هذه العوامل ستعزز بالتأكيد فرص الاستثمار في قطاع التجزئة وستضمن الفرصة نجاح المستثمرين بمجرد دخول مجال قطاع التجزئة، مع توقعات بصفقات أكثر ربحية.
لماذا لا يزال قطاع التجزئة جاذبًا للاستثمار؟
سجلت مصر معدل نمو اقتصادي بلغ 3.6% خلال العام المالي الماضي، وكان قطاع التجارة الداخلية من أكبر القطاعات الاقتصادية الحيوية على مستوى الدولة، ويساهم هذا القطاع الحيوي بنسبة 21% من الناتج المحلي الإجمالي بقيمة 1.4%، أي ما يعادل تريليون جنيه، وفقًا لـ «إنفستجيت».
يشمل قطاع التجزئة عدة أنشطة مثل تجارة الجملة وشبه الجملة والتجزئة وسلاسل التوريد ومساحات التخزين والمساحات اللوجستية وغيرها من الأنشطة التي تخدم وتدعم النظام التجاري في مصر، مع العلم أنه يعمل في القطاع نحو 10 مليون موظف بنسبة تمثل ثلث القوى العاملة في مصر.
وفي ظل زيادة الطلب على مكونات التجارة، يعد ثاني أكبر قطاع يشهد معدلات نمو عالية وسريعة، بعد قطاع الاتصالات والتكنولوجيا، للعام الثاني على التوالي.
ويمكن لهذه الأرقام إقناع المستثمرين المحتملين بسهولة بدخول صناعة التجزئة، في ظل ضمان الحصول على أفضل عائد عند الاستثمار.