تستضيف مصر الآن الدورة الثانية والثلاثين لكأس أمم أفريقيا 2019، في الفترة من 21 يونيو إلى 19 يوليو، وهي أكثر من مجرد عدد من المباريات التي يلعبها نجوم كرة القدم. وتمثل هذه البطولة أهمية كبيرة بالنسبة لمصر، لأنها ستترك إرث دائم للبلاد لفترة طويلة في مجالين أساسيين وهما: السمعة الدولية والبنية التحتية. وفي هذا الصدد، تعتبر هذه البطولة المرموقة أساسًا هامًا لظهور مشروعات تطوير ضخمة في البلاد.
كل هذا يطرح التساؤل التالي: ما الذي فعلته مصر في السنوات القليلة الماضية لتحسين البنية التحتية وأنظمة النقل لديها بشكل أساسي أثناء استضافة أمم أفريقيا 2019؟ ولمعرفة إجابة هذا السؤال، تسلط “إنفستجيت” الضوء على قطاع النقل في مصر لدراسة أدائه على مدى السنوات الأخيرة، مع تقديم نظرة ثاقبة حول الأعمال العامة الأخيرة والمرافق الموجودة بالفعل، لتسهيل الانتقالات لأولئك الذين يحضرون المباريات في ملاعب كرة القدم في المحافظات التالية القاهرة والإسماعيلية والإسكندرية والسويس.
إلى أين يتجه مجال النقل في مصر؟
تسعى مصر جاهدة لمعالجة بعض الاختناقات المرورية، والتي ساهمت في تقليص الوقت المستغرق في التنقل الحضري بالإضافة إلى زيادة تدفقات الاستثمار.
وخلال حديثها عن التطورات الحكومية في قطاع النقل، أكدت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط، أن تجديد شبكات السكك الحديدية يستحوذ على الحصة الأكبر بنسبة 33 % من التكلفة الإجمالية لبرنامج تطوير قطاع النقل، يليه مشروع توسعات مترو القاهرة، الذي يمثل 21 % من الميزانية، مضيفًة أن خطة التطوير تشمل أيضًا تحديث شبكة الطرق الوطنية وكذلك إصلاح أنظمة النقل البحري و البري والنهري.
وقالت السعيد إن “زيادة الاستثمارات الموجهة نحو قطاع النقل، نتيجة أهميتها كمحفز رئيسي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلد. إن شبكات النقل مثل السكك الحديدية والطرق البرية والقنوات الملاحية تعد شريان الحياة للنشاط الاقتصادي والاجتماعي الحالي الذي يعزز الرخاء”.
ولقد تغير مركز مصر من 118 إلى المركز 75 في مؤشر جودة الطرق التابع للمنتدى الاقتصادي العالمي في عام 2018، وذلك بعد إضافة أكثر من 4000 كيلومتر من الممرات الجديدة إلى شبكة الطرق خلال تلك السنة فقط وتم تطويرها بتكلفة إجمالية تبلغ حوالي 22.5 مليار جنيه، وفقًا لوزارة النقل.
ومن خلال استثمارات تبلغ 36 مليار جنيه، تهدف مصر إلى توسيع شبكة النقل الخاصة بها لتشمل حوالي 29000 كيلومتر بحلول عام 2020، وبمجرد الانتهاء من ذلك، ستتم إضافة 7000 طريق جديد في جميع المجالات كجزء من المشروع الضخم للبلاد، والذي سيمثل 29 % من مساحة الطرق، وفقًا للدكتور هشام عرفات، وزير النقل السابق.
التحويلات بين المدن خلال أمم أفريقيا 2019
بعد وقت قصير من فوز مصر بتنظيم البطولة الأفريقية رسميًا في يناير الماضي، اختارت مصر ستة أماكن لاستضافة كأس الأمم وهم: استاد القاهرة الدولي، واستاد 30 يونيو، واستاد السلام في القاهرة، بالإضافة إلى استاد الإسكندرية، واستاد السويس، واستاد الإسماعيلية. بدايةً من الشبكات الأرضية الموسعة إلى أنظمة النقل العام المحدثة والطرق المجددة، تشهد مصر إجراءات تجميلية ملموسة في البنية التحتية مع اقتراب موعد البطولة الأفريقية. ولقد التزمت الحكومة المصرية بالاستثمار الكبير في الصناعات ذات الصلة، وتوفير كافة وسائل الراحة للمشجعين الذين سيحضرون المباريات التي ستستمر لمدة شهر كامل، بمزيد من الرحلات الفعالة والمجهزة تجهيزًا عاليًا في جميع أنحاء البلاد.
مترو الأنفاق
إذا أخذت مترو الأنفاق كوسيلة مواصلات لحضور المباريات، فإنك تستقل أول شبكة مترو للأنفاق في أفريقيا، والتي تتكون حاليًا من خطين، مع خطين آخرين قيد الإنشاء وخطين آخرين في المستقبل. إن نظام مترو الأنفاق هو الوحيد في البلاد، الذي يخدم تعداد سكان يتجاوز 100 مليون، كما أن البنية التحتية للنقل في مصر كانت متهالكة وغير قادرة على مواكبة معدل النمو، كل ذلك دعا إلى إنشاء مشروع القاهرة للتنمية العمرانية الكبرى.
وكجزء من خطة التوسع، سيتم تشغيل الخط الثالث لمسافة 45.5 كم وسيتم خدمته بواسطة 36 محطة. ومن المقرر أن يكون أول خط مستعرض في شبكة المترو، ويتقاطع مع الخطين الأول والثاني، ويربط بين شرق وغرب القاهرة. وفي ذات الوقت، لا يزال الخط الرابع في مرحلة التصميم وسيعمل من مدينة السادس من أكتوبر ووسط القاهرة إلى المناطق المكتظة بالسكان مرورًا بالهرم وفيصل والعمرانية وأهرامات الجيزة. ومن المتوقع أن يتم تنفيذه على مرحلتين وسوف يمتد لمسافة 24 كم تقريبًا، مع توصيلات محتملة إلى ترام 6 أكتوبر المخطط له، ومحطة سكة حديد الجيزة، وكذلك الخطين الأول والثاني، ومن المقرر تشغيله بالكامل بحلول أكتوبر 2020.
وفي 15 يونيو، أعلنت وزارة النقل رسميًا عن افتتاح ثلاث محطات لمترو الأنفاق للتشغيل التجريبي، كجزء من المرحلة الرابعة من مشروع توسعة الخط الثالث لمترو القاهرة، قبل فترة وجيزة من البطولة الأفريقية.
رحلات السكك الحديدية
تعتبر القطارات في مصر أفضل وسيلة مواصلات في الرحلات الطويلة، كما أن التنقل عبر السكك الحديدية يضمن الراحة. وتضم مصر واحدة من أكثر الشبكات اتساعًا في الشرق الأوسط وإفريقيا، حيث يبلغ طولها حوالي 5000 كيلومتر، ثلثها مزدوج. بالإضافة إلى ذلك، فهي تضم 597 قطارًا للركاب و 224 قطارًا للشحن و 3738 حافلة ركاب و 11613 سيارة شحن، وذلك وفقًا لهيئة السكك الحديدية.
ومع اقتراب موعد البطولة الأفريقية، بدأت شبكة السكك الحديدية في البلاد في التطوير بشكل استثنائي، وذلك بعد أن أطلقت هيئة السكك الحديدية مشروعها الوطني طويل الأجل لإعادة هيكلة السكك الحديدية في عام 2016. وقد يكون الاتفاق الأخير بين مصر واتحاد شركات النقل الروسية الهنجارية هو الأكثر حسمًا والحل المؤثر لسوق الأوراق المالية المتداول الذي عفا عليه الزمن في البلاد، حيث تعطي الدولة أولوية لتطوير النقل بالسكك الحديدية حتى عام 2020. وستشهد الصفقة تسليم 1300 عربة نقل إلى السكك الحديدية في السنوات القليلة المقبلة، بقيمة استثمارات تبلغ 22 مليار جنيه، وفقًا لوزارة النقل.
وعلاوة على ذلك، تدرس الحكومة عددًا من مشروعات التوسعة الجديدة، مثل تطوير خط حديدي أحادي يبلغ طوله 42 كيلومترًا في مدينة السادس من أكتوبر، يربط بين شرق وغرب القاهرة معًا لخدمة ومواكبة التطور السريع للمدن الجديدة.
أسطول الحافلات
في الواقع، أنه يمكنك الوصول إلى معظم المدن والبلدات والقرى في مصر على متن حافلة بأسعار معقولة. بالنسبة للعديد من الطرق الطويلة خارج وادي النيل ، فإنه في النهاية هو الخيار الأفضل، وأحيانًا يكون الخيار الوحيد.
ولقد خصصت الحكومة المصرية 1000 حافلة لنقل المشجعين إلى الملاعب في القاهرة والجيزة والقليوبية خلال بطولة كأس الأمم الأفريقية، بهدف تقليل استخدام السيارات الخاصة، وفقًا لبيان وزاري صادر في أبريل. وسيتم أيضًا تثبيت أجهزة GPS لإظهار حركة المرور والطرق من محطات الحافلات الرئيسية إلى الملاعب. بالإضافة إلى ذلك، تم تشكيل عدد من اللجان لتفقد الاستعدادات للبطولات في محافظات القاهرة والإسكندرية والإسماعيلية والسويس.
بالإضافة إلى الحافلات التي تديرها الحكومة، هناك أيضا مجموعة من شركات الحافلات الخاصة التي تعمل بين المدن التي ستستضيف المباريات، مثل Go Bus و Super Jet و West و Middle Delta Bus Company ، وEast Delta Travel Company و Upper Egypt Bus Company. وأغلبهم يخدم الطرق الرئيسية في جميع أنحاء مصر.
البنية التحتية لشبكة الطرق
تمثل الجهود التي تبذلها الحكومة لتعزيز البنية التحتية للنقل مجموعة من مبادرات إعادة الهيكلة لشبكة الطرق الخاصة بها. كما يتم تنفيذ مشروعات الطرق الرئيسية في كل مدينة ستستضيف المباريات.
ومن الناحية العملية، قد يقدم مشروع الطرق الوطنية المصرية فوائد كبيرة للاقتصاد المصري مقارنةً ببرامج البنية التحتية للنقل الأخرى، وبالنظر إلى أن أكثر من 90 % من عمليات الشحن في البلاد تنقل برًا. كما أنه من المزمع تنفيذ أعمال تحسين وتوسعة بقيمة 8 مليارات دولار على مدار السنوات الخمس إلى العشر المقبلة، مما يستدعي إضافة 39 طريقًا إلى الشبكة الحالية.
يذكر أنه في سبتمبر الماضي، افتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي خمسة جسور رئيسية جديدة ومشروعات طرق، بما في ذلك المرحلة الأخيرة من محور الطريق الإقليمي ومحور مشروع النيل، بتكلفة إجمالية 7.9 مليار جنيه. ولم يتوقف التقدم الذي تم إحرازه على خلفية البرنامج الوطني فقط ، ولكن افتتح السيسي أيضًا في 5 مايو 12 مشروعًا وطنيًا ضخمًا، يربط سيناء بدلتا النيل، وهي خطوة تأتي في إطار التطوير المستمر لشبه جزيرة سيناء.
كما افتتح الرئيس المصري جسر محور روض الفرج – أو جسر تحيا مصر ، مسجلاً رقمًا قياسيًا جديدًا في موسوعة جينيس العالمية لكونه أوسع جسر معلق بأسلاك فولاذية ويبلغ عرضه 67.36 متر.
وختامًا، قد تبدو نتائج البنية التحتية مختلطة في الوقت الحالي.وعلى الرغم من ذلك، إذا تمت تلبية طموحات الدولة في مجال النقل بالكامل بمشاركة القطاع الخاص، فمن المحتمل أن تكون هذه التطورات مجرد بداية للاستثمار في البنية التحتية خلال السنوات القليلة المقبلة.
وفي ذات الوقت، سواء كنت تحب كرة القدم أم لا، ارفع علم بلدك وابتهج. في الواقع، ستكون بطولة مليئة بالمرح، نتيجة التنظيم والتجهيز الرائع.