رغم النمو الملحوظ للقطاع العقاري.. تأسيس «الصناديق العقارية» يواجه المزيد من الصعوبات

رغم النمو الملحوظ للقطاع العقاري.. تأسيس «الصناديق العقارية» يواجه المزيد من الصعوبات

كتبت: إيمان إبراهيم

 

رغم النمو غير المسبوق الذي يشهده القطاع العقاري المصري خلال الـ 7 سنوات الماضية، إلا أن هناك صندوق استثمار عقاري واحد فقط متداول في البورصة المصرية وهو «صندوق المصريين للاستثمار العقاري»، مما يشير إلى أنه يوجد شُحًا في الإقبال على إنشاء صناديق الاستثمار العقاري، التي تعد من أبرز الأدوات الاستثمارية المستخدمة في دول العالم وتصل استثماراتها إلى تريليونات الدولارات.

تستهدف صناديق الاستثمار العقاري تعظيم استغلال الأصول العقارية سواء الإيجار أو حق الاستغلال وتحويلها إلى أدوات مالية، مع تنوع الملكية الخاصة لكل مساهم، وتوفير عوائد أعلى، فضلاً عن جذب المستثمرين والحصول على السيولة المالية التي تتيح زيادة العائد من الأصول.

وأرجع الخبراء لـ «إنفستجيت» السبب في عدم الإقبال على إنشاء هذه الصناديق إلى غياب تلك الثقافة لدى المواطنين والمستثمرين، فضلًا عن البيئة التشريعية والضريبية غير المواكبة، وذلك على الرغم من اعتبار القطاع العقاري أحد الملاذات الاستثمارية الآمنة.

كما طالبوا الحكومة أيضًا بضرورة تسريع التسهيلات الضريبية لمساعدة المستثمرين في إنشاء المزيد من الصناديق العقارية، للاستفادة من التنمية التي تشهدها الدولة حاليًا، مؤكدين على دورها في توفير التمويل للمطورين، غير أن هناك حالة من الترقب لمحاولات البنوك التي قد تدعم تواجد تلك الصناديق وتضفي عليها ضمانًا.

معوقات التأسيس

قال محمود جاد، محلل القطاع العقاري في شركة «العربي الأفريقي الدولي» لتداول الأوراق المالية، إن هناك 3 معوقات لتأسيس صناديق الاستثمار العقاري؛ الأول هو أن “تلك الثقافة جديدة على المواطنين بالسوق المصري، لذا فالأمر بحاجة إلى زيادة الوعي لديهم للتعريف بأهمية تلك الأداة الاستثمارية”، والثاني؛ يتمثل في إجراءات التأسيس التي تتخذ وقتًا أطول، وتكاليف الإنشاء بوجه عام، كل ذلك يقلل العوائد المتوقع تحقيقها.

وأضاف جاد أن العائق الثالث يتعلق بالبيئة الضريبية، فأغلب دول العالم تعتمد على وضع إعفاءات على توزيعات الصناديق العقارية، إلا أن السوق المصري يتم فرض ضريبة دخل وضريبة توزيعات على الصناديق العقارية، بما يقلل من العوائد وجاذبية تلك الأداة الاستثمارية.

وفي سياق متصل، أوضح فتح الله فوزي، نائب رئيس مجلس إدارة «جمعية رجال الأعمال المصريين» وعضو مجلس إدارة «صندوق المصريين للاستثمار العقاري»؛ الصندوق الوحيد والمدرج بالبورصة المصرية منذ 3 سنوات، أن العائق الوحيد لغياب تلك الثقافة الاستثمارية في السوق المصري هو خضوع توزيعات وثائق الصناديق للضرائب.

وبدوره، قال الشريف وهدان، أحد مؤسسي شركة «إيست كوست» للاستشارات العقارية، إنه “رغم مرور 10 سنوات على صدور القانون المنظم لإنشاء صناديق الاستثمار العقاري في مصر، إلا أن السوق المصري لم ينشئ به سوى صندوق واحد، وذلك بسبب الحزمة المبالغ فيها من الأتعاب والرسوم والضرائب الموجودة حاليًا، والتي لن تتيح لحملة الوثيقة تحقيق عائد موجب كبير على استثماره”.

يذكر أن هناك بعض التجارب للشركات خلال السنوات الماضية لإنشاء الصناديق العقارية ولكنها لم تكلل بالنجاح، كالصندوق التابع لشركة «النعيم» الذي تم إطلاقه خلال 2017 بحجم مستهدف مليار جنيه، حيث فشلت التجربة وتم رد أموال المكتتبين، وفقًا للبيان الصادر عن البورصة المصرية. كما تراجعت شركة «القومية لإدارة الأصول والاستثمار» نهائيًا عن إنشاء صندوقها العقاري، نتيجة لتعثر المفاوضات ووجود بدائل أخرى لدى الشركة، تتمثل في مشروعها الجديد في «نيو هليوبوليس» بمدينة الشروق، حسبما أفاد البيان الصادر عن الشركة مؤخرًا.

تطوير البيئة التشريعية

دعا الخبراء إلى تطوير البيئة التشريعية والضريبة في مصر، من خلال وضع المزيد من المحفزات لجميع الأطراف العاملة داخل القطاع العقاري، علاوةً على المطالبة بتقليل إجراءات التأسيس.

وفي هذا الصدد، أكد جاد إنه يجب دعم المستثمر من خلال وضع إعفاء ضريبي على الدخل أو التوزيعات، ووضع بندًا ملزمًا للصندوق لتوزيع نسب محددة من الأرباح، لتساعد المستثمر في التمسك بالوحدات وضمان استمرارية الصندوق أو وضع حافز للتوزيع.

واتفق معه فوزي قائلًا إن “الحل الوحيد يتمثل في إعطاء حوافز ضريبية على توزيعات الصناديق، مما سيساهم في تضافر الجهود بين الدولة والمستثمرين لتحقيق «رؤية مصر 2030»”، مقترحًا أن تمنح تلك الحوافز للصناديق المستثمرة بقطاع التعليم والصحة.

وفي السياق ذاته، أوضح وهدان أن إعادة النظر في أسس المعاملة الضريبية للصناديق العقارية ومنحها ميزة تنافسية، سيؤدي إلى جذب الكيانات المحلية والأجنبية للاستثمار بها.

وخلال العام الجاري، كشف مجلس الوزراء المصري عن نيته لإدخال تعديلات جديدة على القواعد المنظمة لعمل الصناديق العقارية؛ بهدف تقديم مزيدًا من المميزات التي من شأنها زيادة عدد الصناديق. وأصدر المجلس في يونيو 2019 قرارًا بتعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لسوق رأس المال، والمتعلقة بعمل الصناديق العقارية، شملت تخفيض المدة الزمنية اللازمة لتقييم الأصول والأوراق المالية للصناديق غير المقيدة بالبورصة من مرة كل 3 أشهر إلى مرة كل 6 أشهر.

توفير السيولة المالية للمطورين

وعن دور صناديق الاستثمار العقاري في دعم القطاع، أشار جاد إلى أن صندوق الاستثمار العقاري يعد وسيلة لجذب الأموال وإعادة استثمارها بالقطاع العقاري، مما يوفر سيولة كبيرة للمطورين تساعدهم على إنجاز المشروعات، متابعًا أن الاستثمار بتلك الصناديق يضفي المزيد من الأمان على القطاع لأنه يعتمد على تنويع استثماراته بين الإيجاري والسكني وغيرهم، إلى جانب التنوع الجغرافي لأصوله، كما سينعكس انتشار تلك الأداة الاستثمارية على تنشيط شركات التقييم العقاري وشركات إدارة العقارات.

من جانبه، ذكر فوزي أن “نشاط التشييد يشارك على الأقل بنحو 16% من الناتج القومي، ويرتبط بتلك الصناعة نحو 120 صناعة أخرى، لذا على الجميع إنجاح كل ما يتعلق بالقطاع العقاري، والمطالبة بتوفير البيئة المناسبة لذلك؛ دعمًا للصناعات الوطنية”.

ومن ناحية أخرى، قال وهدان أن مصر في حاجة إلى نحو 100 صندوق استثمار عقاري على الأقل في الفترة الحالية؛ خاصةً مع الوفرة العقارية لمقار الهيئات والوزارات المقرر انتقالها إلى العاصمة الإدارية الجديدة، إلى جانب دور تلك الصناديق في مساعدة المطورين العقاريين للوصول إلى مستهدفاتهم.

محاولات البنوك لدعم انتشار الصناديق

وفي الآونة الأخيرة، أعلن «بنك مصر» عن بدء إجراءات تأسيس شركة مملوكة له بنسبة 100% لإدارة صندوق للاستثمار العقاري برأسمال مبدئي 500 مليون جنيه، وتعليقًا على هذا، قال هاني أبو الفتوح، الخبير الاقتصادي، إن ذلك يشكل بداية جيدة لانتشار فكرة الصناديق العقارية، ويشجع البنوك على اتخاذ تلك الخطوة وفقًا استراتيجياتهم الاستثمارية، بالإضافة إلى هناك وفرة متوقعة بالأصول العقارية في الفترة المقبلة مع الانتقال للعاصمة الإدارية الجديدة، داعيًا إلى تقليل الرسوم المطلوبة لتسجيل العقارات التي تشكل عائقًا للاستثمار، متابعًا أن البيئة التشريعية في الاستثمار العقاري “غير محفزة”.

وأكد محمد حسن، العضو المنتدب لشركة «بلوم مصر» للاستثمارات المالية، أن دخول القطاع المصرفي للاستثمار في الصناديق العقارية سيوفر سيولة كبيرة للمطورين، متابعًا أن اتخاذ البنوك الحكومية لتلك الخطوة، مثل «بنك مصر»، يشكل عنصر أمان ودافع لكافة البنوك والشركات الأخرى؛ خاصةً مع توجهات الدولة بتعديل التشريعات الخاصة بصناديق الاستثمار العقاري، ووجود مقترحات تصاغ بالفعل من قبل وزارة المالية وسائر الجهات المعنية، منها إلغاء جميع الضرائب على صناديق الاستثمار، وهو ما سيشجع على رواج تلك الأداة الاستثمارية.

وختامًا، أكد الخبراء أن تلك الصناديق تعد الوسيلة الأمثل للاستفادة من حالة الوفرة بالأصول العقارية التي ستشهدها البلاد في الفترة المقبلة؛ نتيجة نقل مقار الهيئات الحكومية وبعض الوزارات إلى العاصمة الإدارية؛ لذا يجب على الدولة مساعدة مختلف الجهات في تأسيس تلك الصناديق تعظيمًا للموارد وتوفيرًا للسيولة؛ فضلًا عن أنها تعد الاستثمار الأمثل لجهات مثل أموال التأمينات الاجتماعية، وصناديق المعاشات كمختلف دول العالم، إذ تعد استثمارًا طويل المدى.

تسجيل الدخول

Welcome! Login in to your account

تذكرني فقدت كلمة المرور؟

لا تملك حساب Register

فقدت كلمة السر

Register