تستهدف الموازنة العامة لجمهورية مصر العربية كل عام زيادة حصيلة الضرائب باعتبارها موردًا هامًا للبلاد، وذلك ليس فقط من خلال استحداث أو تعديل قوانين الضرائب المفروضة ولكن بتوسيع القاعدة الضريبية من خلال ربطها بالنشاط الاقتصادي.
وبحسب بيان لوزارة المالية تستهدف الدولة تحصيل ضرائب بـ 1.168 تريليون جنيه في موازنة 2022/2023 بزيادة سنوية بواقع 18.82% عن مستواها في العام المالي 2021/2022 البالغ 983.010 مليار جنيه. وباعتبار قطاع التطوير العقاري أحد أكثر الصناعات المحركة للنشاط الاقتصادي في مصر، فقد يشكل زيادة الحصيلة الضريبة هاجسًا لدى البعض.
لذا، ناقشت «إنفستجيت» مع عدد من الخبراء بصناعة التطوير العقاري أبرز العقبات التي تواجه القطاع مع الضرائب، وهل هناك مساعي أو مقترحات من خلال التنسيق مع الجهات الحكومية لتفادي تلك العقبات أو إقرار حوافز ضريبية دعمًا للنشاط.
مشكلات المطورين
قال ياسر حلمي، عضو مجلس إدارة غرفة التطوير العقاري، ورئيس لجنة الضرائب في الغرفة، إن شركات التطوير العقاري تخضع لنحو 7 ضرائب مختلفة وتساهم بنسبة تتراوح بين 30 إلى 40% من الضرائب المحصلة للدولة، لذا فهي تعد موردًا هامًا لميزانية الدولة، إلى جانب تشغيلها لنحو 90 صناعة تساهم في النشاط العقاري ككل.
وكشف حلمي إن مشكلات المطورين مع الضرائب تتمثل في أكثر من محور، وهو ما حاولت الغرفة مناقشته في الفترة الأخيرة مع ممثلين لمصلحة الضرائب المصرية ومن خلال التواصل مع وزارة المالية، موضحًا أن هذه المطالب تتمثل في عمل بروتوكول تعاون من خلال لجنة مشكلة بين وزارة المالية ممثلة في مصلحة الضرائب وغرفة التطوير العقاري، لتفسير بعض بنود تطبيق قانون ضريبة القيمة المضافة وتعديلاته ولائحته التنفيذية، منها طلب تفسير واضح للفرق بين المطور أو المستثمر العقاري وبين شركات المقاولات عند تطبيق الضريبة، فبعض المطورين نظرًا لارتفاع أسعار مواد البناء يلجؤون إلى شراء بعض الأدوات تسريعًا لعملية البناء ومن ثم تفرض عليهم الضرائب 5% خدمة مقاولات أو تنفيذ ذاتي.
علاوةً على ذلك، صرح حلمي بأن هناك تفاوتًا في تحصيل الضرائب بين الشركات الممارسة لنفس النشاط، مبينًا أن غرفة التطوير العقاري طالبت أيضًا بأن يكون هناك تفسير واضح لبند المحال التجارية طبقًا لتعديلات قانون ضريبة القيمة المضافة لعدم وجود وعي واضح وصريح لدى المأموريات المركزية عند التحصيل، مؤكدًا أن رئيس الغرفة، المهندس طارق شكري، تقدم بصفته وكيل لجنة الإسكان لمجلس النواب في خطاب رسمي إلى رئيس مصلحة الضرائب بمقترح لتعريف بند المكون التجاري حتى لا يحدث تباينًا في تحصيل الضرائب المفروضة على المطورين.
وطالبت الغرفة أيضًا، بحسب ما أعلنه رئيس لجنة الضرائب، بوضع آليات وإجراءات تنظيمية بين مصلحة الضرائب ممثلة في قطاع التهرب وغرفة التطوير العقاري؛ لمواجهة وجود أي مشكلات على كافة الشركات العاملة في قطاع التطوير العقاري؛ حفاظًا على الاستثمارات بالقطاع، مع تنظيم عمل اجتماع لتلك اللجنة المشكلة من قبل مصلحة الضرائب والغرفة لكي تنعقد شهريًا لحل مشكلات المستثمرين أو المطورين العقاريين وإنهاء النزاع “إن وجد”.
عقبة للعميل والمطور
قال المستشار أسامة سعد الدين رجب، المدير التنفيذي لغرفة التطوير العقاري، إن قطاع التطوير العقاري مُثقل بتكاليف الإنتاج، إلى جانب ارتفاع أسعار الأراضي، لذا فإن الضرائب تُشكل عبئاً على المطور، بما يضغط على أسعار الوحدات، وهو ما يضغط بدوره على العميل.
وكشف رجب أن المطور العقاري أصبح غير قادر على وضع التكلفة النهائية للوحدة بسبب استمرار تغير أسعار المنتجات في الفترة الحالية، إلى جانب التفعيل الضعيف لمبادرات التمويل التي طرحها البنك المركزي، لذا فالمطور يواجه عدة عقبات الضرائب من بينها، مضيفًا أن غرفة التطوير العقاري لجأت إلى تشكيل لجنة مؤخرًا للتواصل مع الجهات الحكومية وإدارة الأزمات، وتبحث اللجنة في مشكلات المطورين العقاريين والتواصل مع الجهات الحكومية المعنية بهذه المشكلات ومن بينها مشكلة الضرائب وتحصيلها؛ دعمًا للشركات العقارية؛ ولضمان الحفاظ على استمرار عمل القطاع بقوة.
بدوره، أشار شريف حمودة، رئيس مجلس إدارة شركة «چي ڤي جروب»، إلى أن الضرائب العقارية تشكل عبئًا على العميل باعتباره المعني بها فهي لا تفرض إلى على الوحدات الجاهزة للسكن، وبالتالي فالعميل آخر مراحلها، لافتًا إلى أن البلد بحاجة إلى حوافز ضريبية وليس زيادة في الضرائب المفروضة بمختلف القطاعات؛ تحفيزًا للنشاط.
وفي ذات السياق، ذكر فتح الله فوزي، نائب رئيس مجلس إدارة «جمعية رجال الأعمال المصريين»، ورئيس لجنة التطوير العقاري والمقاولات، أن الضرائب العقارية تزيد عبء العميل مالك الوحدة إلا أنها وسيلة لزيادة الموارد العامة للدولة، فيما يواجه المطور العقاري ضرائب أخرى على المكاسب التي يحققها، متابعًا أن احتياج الناس للسكن مثل الأكل والشرب فزيادة الضرائب لن توقف حاجة العميل لها، وبين أن المستثمر أو المطور يلجأ للوحدات غير الجاهزة لتفادي الضرائب العقارية.
حوافز وتسهيلات ضريبية
أكد المدير التنفيذي لغرفة التطوير العقاري على ضرورة أن توفر الدولة حوافز وتسهيلات ضريبة أو تمويلية في الفترة الحالية للمطور أو العميل، وذلك في إطار سعيها إلى دعم تصدير العقار؛ وذلك للحفاظ على الزخم بالقطاع، ولجذب المستثمرين الأجانب.
وفي سياق متصل، ذكر حمودة أن الشركات العقارية بصفة عامة لديها أزمة في ارتفاع التكلفة وسداد سعر البيع، لذا فإن الحوافز الضريبية ستدعم الاستثمار العقاري والصناعة ككل؛ لتخفيف الأعباء الموجودة على الشركات.
بدوره، لفت رئيس لجنة الضرائب في غرفة التطوير العقاري إلى أن الغرفة تدرس منذ فترة مقترحات لتوفير حوافز ضريبة عقارية سواء للعميل لتقليل العبء عليه وضمان زخم الشراء أو للمطور لتخفيف تكاليفه، ودعمه على مواصلة العمل تلبية لاحتياجات السوق المتنامية.
واقترح حلمي أن يتم فرض إعفاء ضريبي في بعض الأماكن كالمناطق النائية أو الأقاليم لمدة محددة دون غيرها لإنجاز العديد من المشروعات القائمة، وتشجيعًا للاستثمار، إلى جانب استخدام آليات تنظيمية ومحاسبية محددة وواضحة عند تحصيل الضرائب، بما يضفي بعض الشفافية.
وختامًا، فقد اتفق الخبراء على أنه نظرًا لمواجهة المطور العقاري مشاكل عدة مثل ارتفاع أسعار مواد الإنشاء، واتجاه العملاء إلى آليات أخرى للاستثمار كشهادات البنوك، فلا بديل عن إقرار حوافز وتسهيلات ضريبية دعمًا للنشاط، ولإنجاز الخطة العمرانية الطموحة التي تتبناها مصر.