في تقريرها الأخير، ألقت «اتش سي لتداول الأوراق المالية والسندات» الضوء على قطاع التشييد المصري من خلال تقييم شركة «أوراسكوم كونستراكشون»، متوقعة أن التحسن في الهوامش التشغيلية المعدلة سيستمر، وفقًا لـ «إنفستجيت».
صرحت نسرين ممدوح، محلل القطاع الصناعي بشركة «اتش سي»، قائلة: “إعادة ترتيب الأولويات في حجم المشاريع تحت التنفيذ على المستوى الإقليمي: في مصر، نتوقع أن يعود الإنفاق على التشييد إلى مستوياته الطبيعية، مدفوعًا بتراجع حاد في الاستثمارات العامة، التي شكلت حوالي 36% من إجمالي الاستثمارات خلال النصف الأول من السنة المالية 24/25، بانخفاض قدره حوالي 22 نقطة أساس عن متوسط الثلاث سنوات الماضية. ومع ذلك، نتوقع استمرار مستوى أساسي من الاستثمارات الحكومية، خاصة في مشروعات البنية التحتية الاستراتيجية والمشروعات التي أوشكت على الاكتمال في قطاعات النقل والمياه والربط الكهربائي. تظل نظرتنا إيجابية بشأن توقعات الاستثمارات الخاصة المحلية والأجنبية في مصر، لا سيما في «المشروعات الضخمة»، و«مشروعات الطاقة المتجددة»، و«المشروعات الصناعية». أما فيما يتعلق بـ«مشروع رأس الحكمة»، فنحن نعتقد أن الشركة في موقع قوي للفوز بحصة جيدة من العقود مع توفر رؤية أوضح بعد انتهاء «شركة مدن القابضة» من المخطط الرئيسي العام للمشروع. كما نتوقع تحسنًا في تحصيلات الشركة من مشروعاتها تحت التنفيذ في مصر بحلول السنة المالية 25/26، مدفوعًا بتحسن نسبة الإيرادات الحكومية إلى الناتج المحلي الإجمالي مع ضبط نسبة الإنفاق إلى الناتج المحلي الإجمالي، وذلك وفقًا لتقديرات «صندوق النقد الدولي» الصادرة في أبريل 2025، حسبما أفاد البيان الصادر في 18 يونيو.
وبالانتقال إلى دول مجلس التعاون الخليجي، ووفقاً لـ«ميد بروجكتس»، يُتوقع أن يصل حجم المشاريع قيد التطوير على المدى الطويل إلى 2.7 تريليون دولار أمريكي، مع توقع ترسية عقود بقيمة 235 مليار دولار أمريكي خلال الـ6 إلى 12 شهراً القادمة، وتستحوذ «المملكة العربية السعودية» على حوالي 63% من هذه العقود، و«دولة الإمارات العربية المتحدة» على حوالي 20%، وذلك بشكل رئيسي في قطاعات الإنشاءات والنقل والطاقة. ومع ذلك، قد تتعرض ميزانيات دول مجلس التعاون الخليجي لضغوط بسبب تراجع أسعار النفط، والمتوقعة نحو 63 دولاراً للبرميل في عامي 2025 و2026 (حسب تقديرات «بلومبرغ»)، بينما يُقدّر سعر النفط اللازم لتحقيق توازن الميزانية العامة بحوالي 93 دولاراً للبرميل لـ«المملكة العربية السعودية» و50 دولاراً للبرميل لـ«دولة الإمارات العربية المتحدة» في عام 2025، وفقاً لـ«ميد بروجكتس». هذا الوضع قد يزيد من الحاجة إلى الاقتراض وتعزيز الاستثمارات الخاصة للحفاظ على وتيرة نشاط الإنشاءات، مما يزيد المنافسة في المناقصات العامة، ويضغط على هوامش الربح.”
على الرغم من ذلك، نعتقد أن زخم البناء سيستمر في دول مجلس التعاون الخليجي، نظراً لحجم «سوق الإنشاءات» الضخم لديها وجهودها في التنويع الاقتصادي، والمستوى الفائق من الخبرة والسجل الحافل لشركة «أوراسكوم» في تنفيذ مشاريع البنية التحتية. تعمل «أوراسكوم» حاليًا على التقدم لمناقصات متنوعة وتستهدف رفع مساهمة الخليج في سجل مشروعاتها تحت التنفيذ، وهو توجه نراه مبررًا، خاصة في ظل فرص إعادة الإعمار المحتملة بالمنطقة واعتدال وتيرة ترسية العقود الجديدة في مصر. بالإضافة إلى أستراليا، تعمل شركة «بيسكس» على توسيع تواجدها في دول مجلس التعاون الخليجي، وهو ما نراه إيجابيًا. ونتوقع متوسط سنوي للعقود الجديدة من منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا بقيمة متوقعة 2.54 مليار دولار أمريكي خلال الفترة من 2025 إلى 2029.”
أضافت نسرين: “تُقدم «الإدارة الأمريكية الجديدة» فرصاً وتحديات لأعمال «أوراسكوم»، وفي رأينا: نرى أن «مشروعات مراكز البيانات» في الولايات المتحدة تُعد من أبرز فرص النمو، مدفوعة بالسياسات الجديدة التي تستهدف تعزيز ريادة أمريكا في مجال الذكاء الاصطناعي، وتوسيع قدرة الوصول إلى الطاقة بأسعار معقولة. ووفقاً لـ«جلوبال داتا»، يبلغ إجمالي حافظة «مشاريع مراكز البيانات» 279 مليار دولار أمريكي، منها 97 مليار دولار قيد التنفيذ و180 مليار دولار قيد التخطيط. والجدير بالذكر أن شركة «ويتز» التابعة لـ«أوراسكوم»، قد أحرزت تقدماً ملحوظاً في تنويع قاعدة عملائها، وتطوير قدراتها الذاتية في تنفيذ الأعمال الكهربائية المتخصصة، كما وسّعت تواجدها في قطاع تشييد «مراكز البيانات».
بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يظل الإنفاق على «البنية التحتية» في الولايات المتحدة قوياً حتى عام 2026 بدعم «قانون البنية التحتية الفيدرالي»، الذي سُنَّ في عام 2021، مع سياسات جديدة تُركِّز بشكل أكبر على «القطاع البحري». كما بدأت الولايات المتحدة محفزات للاستثمار لتسهيل الاستثمارات التي تتخطى مليار دولار أمريكي. وبالتوازي، أقر «مجلس النواب الأمريكي» مشروع «قانون ميزانية» طموح يتضمن تريليونات الدولارات من التخفيضات الضريبية والإنفاق الحكومي الإلزامي. على الرغم من أن مشروع القانون لا يزال يتطلب موافقة «مجلس الشيوخ»، والتسوية المحتملة، وإقراره كقانون من قبل «الرئيس الأمريكي»، إلا أنه يشير إلى تزايد الاعتماد على الإنفاق الاستهلاكي، واستثمارات القطاع الخاص والأعمال التجارية لدفع النمو، وتحفيز التصنيع واستكشافات الطاقة، وذلك على الرغم من التخوف من التأثير المحتمل للقانون على تفاقم عجز الموازنة.
وفي الآونة الأخيرة، أجتذبت «الولايات المتحدة» 3.2 تريليون دولار أمريكي من الاستثمارات الملتزم بها والصفقات الاقتصادية والتجارية مع «المملكة العربية السعودية» و«الإمارات العربية المتحدة» و«قطر»، تشمل مشروعات في «مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي» و«الطاقة» و«البنية التحتية»، من بين مجالات أخرى. ومع ذلك، لا تزال حالة عدم اليقين تخيم على الاقتصاد العالمي، نتيجة تصاعد «الرسوم الجمركية» عالميًا، مما يُضعف النمو، ويؤجج الضغوط التضخمية، ويُعطل تدفقات التجارة ورؤوس الأموال وسلاسل التوريد. بالإضافة إلى ذلك، أدت «الأحكام القضائية الأمريكية» المتضاربة الأخيرة، والتي تراوحت بين منع الرسوم الجمركية وإعادة فرضها، إلى ضبابية الرؤية. علاوة على ذلك، قد تؤدي المراجعات التي طرأت على «قوانين الهجرة الأمريكية» إلى احتمال الترحيل الجماعي للعمال غير المقننين، مما قد يقلل من توافر الأيدي العاملة منخفضة التكلفة ويرفع من تكاليف التشييد برأينا.
ومع ذلك، ساهم «الاتفاق الأخير لتخفيض الرسوم الجمركية» لمدة 90 يومًا بين «الولايات المتحدة» و«الصين» في تبديد بعض هذه المخاطر، وجعل الرسوم أداة تفاوضية لتحسين شروط التجارة لصالح أمريكا. وأخيراً، رغم كل هذه المؤشرات المتباينة، نعتقد أن «السوق الأمريكي» لا يزال يقدم فرص عمل كبيرة للشركة، مما يبرر هدفها لزيادة تواجدها في «السوق الأمريكي». نتوقع متوسط عقود سنوية جديدة بقيمة 1.55 مليار دولار أمريكي من الولايات المتحدة خلال الفترة 2025-2029.”
اختتمت نسرين تحليلها قائلة: “نقدّر أن تنمو الأرباح قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك لشركة «أوراسكوم كونستراكشن» بمعدل نمو سنوي مركب متوقع يبلغ 11% خلال الفترة 2025-2029، مدعوماً بتحسن وضع الشركة: نتوقع أن يبلغ متوسط حجم الأعمال تحت التنفيذ للشركة 8.0 مليار دولار أمريكي خلال الفترة نفسها، مع متوسط عقود سنوية جديدة بقيمة 4.16 مليار دولار أمريكي. نتوقع أن يتحسن تنفيذ المشروعات، مما يدعم معدل نمو سنوي مركب للإيرادات بنحو 5.4%. كما نعتقد أن التحسن في الهوامش التشغيلية المعدلة سيستمر، مدفوعاً بـ«المشروعات ذات الجودة العالية»، و«شروط العقود الأفضل»، وزيادة التعرض لـ«العملات الأجنبية» والمكافئة لها، وتحسين إدارة «التدفقات النقدية» و«رأس المال العامل»، والمساهمة الإيجابية في صافي الأرباح من «محفظة الامتيازات الحالية»، لتصل إلى 15 مليون دولار أمريكي بحلول عام 2027، بالإضافة إلى تعزيز المساهمة من شركة «بيسكس». نتوقع أن تنمو الأرباح المجمعة قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك وصافي الدخل للشركة بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ حوالي 11% و6% على التوالي خلال الفترة 2025-2029. كما نقدر أن يبلغ متوسط هامش الأرباح قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك حوالي 5.9%، ومتوسط هامش صافي الربح حوالي 3.5%، باستثناء مكاسب وخسائر سعر الصرف، خلال نفس الفترة.”