ترجمة: عمرو حسني
كان قطاع العقارات في مصر دائمًا مساهمًا كبيرًا في اقتصاد البلاد، حيث شهد سوق المنازل الصيفية، بشكل خاص، نمواً ملحوظاً في السنوات الأخيرة.
وكان أحد العوامل الدافعة وراء نمو هذا السوق في مصر هو التغيرات الديموغرافية في البلاد.
وبحسب تقرير صادر عن شركة JLL، ارتفع الطلب على المنازل الصيفية في مصر بنسبة 15-20% سنويًا على مدى السنوات الخمس الماضية، وجاءت هذه الزيادة مدفوعة بتزايد الطبقة الوسطى مع زيادة الدخل والرغبة في الحصول على منزل ثانٍ بعيدًا عن المدينة. ويتوقع أن يستمر هذا الاتجاه خلال السنوات القليلة المقبلة، مع استمرار نمو عدد سكان مصر، وزيادة عدد الأفراد الجديد إلى الطبقة المتوسطة.
ولذلك، واستجابة للطلب المتزايد على مساحات المعيشة ووسائل الراحة عالية الجودة، يبحث المستثمرون عن وحدات أكثر جاذبية، بما في ذلك الشواطئ الخاصة وحمامات السباحة وملاعب الجولف.
ومن المهم التأكيد على أنه على الرغم من أن الساحل الشمالي كان منذ فترة طويلة الوجهة المفضلة للمنازل الصيفية، إلا أن مناطق البحر الأحمر والعين السخنة يتزايد الاهتمام بها الفترة الأخيرة، حيث عملت المطارات والطرق السريعة والمنتجعات الجديدة، على جعل هذه المناطق أكثر سهولة وجاذبية للمشترين والمستأجرين المحتملين.
التطورات المستدامة والصديقة للبيئة تتولى زمام الأمور
وفي سوق المنازل الصيفية، يتوقع خبراء الصناعة استمرار الاتجاه نحو الاستدامة والصداقة للبيئة، بالإضافة إلى التركيز على وسائل الراحة الفاخرة والتشطيبات الراقية.
وبحسب تقرير لصحيفة «ديلي نيوز إيجيبت»، فإن الطلب على المنازل الصيفية في مصر يتزايد، خاصة بين المستثمرين الأجانب والمغتربين.
بجانب ذلك، هناك اتجاه نحو تطوير أكثر استدامة وصديقة للبيئة استجابة للاهتمام المتزايد بالبيئة، فعلى سبيل المثال، تم تصميم مشروع «ماونتن فيو» رأس الحكمة في الساحل الشمالي ليكون موفرًا للطاقة، مع استخدام الألواح الشمسية، والإضاءة الطبيعية، وأنظمة تجميع مياه الأمطار، ومن المتوقع أن تحظى مثل هذه التطورات بشعبية متزايدة بين المشترين والمستأجرين المهتمين بالبيئة.
تزايد المشكلات، وخيارات السكن غير كافية، والمرافق غير المنماه
وعلى الرغم من النمو والفرص المحتملة، هناك بعض التحديات التي تواجه سوق المنازل الصيفية في مصر، ومن أهم الصعوبات الموجودة هي نقص المساكن ذات الأسعار المعقولة في المناطق الحضرية، مما زاد من الطلب على المنازل الصيفية كشكل من أشكال الاستثمار ودخل الإيجار.
وبحسب تقرير شركة «جونز لانج لاسال» للاستشارات العقارية، فإن الطلب على الإسكان يفوق العرض بأكثر من 3 ملايين وحدة في مصر، خاصة في المدن الكبرى مثل القاهرة والإسكندرية.
ودفع هذا النقص في المساكن الحضرية ذات الأسعار المعقولة العديد من المصريين إلى الاستثمار في منازل صيفية يمكنهم تأجيرها لتحقيق دخل إضافي.
بجانب ذلك، هناك نقص في البنية التحتية في بعض المناطق، مما قد يمنع المشترين والمستأجرين المحتملين، ويشير مقال في صحيفة «الأهرام» إلى أنه يتم بناء العديد من المجمعات السكنية الصيفية الجديدة في مناطق صحراوية نائية دون الوصول إلى الطرق الملائمة أو المرافق مثل المياه والكهرباء، ويمكن أن يؤدي ضعف البنية التحتية إلى زيادة التكاليف والإزعاج للمالكين.
وهذا أيضًا يجعل بعض المواقع أقل جاذبية للمستأجرين، مما يحد من إمكانية زيادة الدخل للمستثمرين، ومن ثم، فإن تطوير البنية التحتية مثل الطرق وشبكات الكهرباء والأنابيب في المناطق المحرومة يمكن أن يسهل المزيد من النمو لسوق المنازل الصيفية في مصر.
وسيكون التغلب على هذه التحديات المتعلقة بالإسكان الحضري والبنية التحتية ذات الأسعار المعقولة أمرًا أساسيًا لتمكين قطاع المنازل الصيفية من مواصلة النمو وتوفير بدائل سكنية للأعداد المتزايدة من السكان في مصر، كما يمكن من خلال السياسات والاستثمارات الإستراتيجية، أن توفر عطلات الصيف في مصر لعدد أكبر من الطبقات فرصة لامتلاك العقارات وتوفير دخلهم.
الوباء يعيد تشكيل سياسات المطورين والمستثمرين
أثرت جائحة كوفيد-19 بشكل كبير على قطاع العقارات، حيث عدل العديد من المطورين والمستثمرين استراتيجياتهم وأعطوا الأولوية لتدابير السلامة، ووفقًا لمقال منشور في «إنتربرايز»، طبق المطورون التباعد الاجتماعي والتعقيم المستمر في المناطق المشتركة لحماية المالكين والمستأجرين.
فيما أدخلت بعض المجمعات، أيضًا إجراءات تسجيل الوصول عن بعد وتقنية عدم اللمس. ومع ذلك، فقد خلق الوباء أيضًا فرصًا للنمو والتنمية، مثل زيادة الطلب على المساحات الخارجية والقرب من الطبيعة، وفي ظل تطبيق عمليات الإغلاق والقيود المفروضة على الحركة، يبحث الناس عن منازل صيفية توفر الهواء النقي والمناطق المفتوحة.
ويتوقع تقرير صناعي منشور مؤخرًا، أن يكون هناك تركيز على الاستدامة والمناطق الخارجية بشكل أكبر وكذلك تكنولوجيا المنزل الذكي في مجمعات المنازل الصيفية الجديدة مع تعافي المشترين من أزمة الوباء.
أجبرت الأزمة المطورين على إعادة التفكير في عروضهم وتلبية المزيد من الأولويات المتغيرة في حقبة ما بعد فيروس كورونا، وفي ظل الموازنة بين السلامة وتفضيلات المشترين الجدد، يبدو أن سوق المنازل الصيفية في مصر يستعد لمزيد من النمو لكن إدارة التأثير المستمر للجائحة والموجات المستقبلية المحتملة ستتطلب سرعة الحركة والابتكار.
وبشكل عام، من خلال التركيز على الصحة والطبيعة والأداء الوظيفي في مشاريعهم، ويمكن للمستثمرين الاستفادة من الطلب المتزايد بين المصريين الذين يبحثون عن ملاذ آمن ومريح.
مستقبل واعد للمنازل الصيفية في مصر
وعلى الرغم من التحديات، لا يزال هناك العديد من الفرص للنمو والتطور في سوق المنازل الصيفية في مصر.
فالموقع الاستراتيجي للبلاد والمناظر الطبيعية الجميلة والثقافة المتنوعة يجعلها وجهة جذابة لكل من المشترين والمستأجرين المحليين والدوليين.
بجانب وجود طلب متزايد على مشاريع تطوير أكثر استدامة وصديقة للبيئة، والتي يمكن أن توفر نقطة بيع فريدة للمطورين والمستثمرين.
العصر الذهبي للقطاع الساحلي في مصر مع الترحيب بالمستثمرين في المجتمعات الساحلية
في الختام، يبدو مستقبل سوق المنازل الصيفية في مصر مشرقًا، مع مزيج من الاتجاهات والتحديات والفرص الناشئة.
ومن المرجح أن يؤدي التركيز المتزايد على الرفاهية والاستدامة والصداقة للبيئة في المشاريع التطويرية، إلى جانب الموقع الاستراتيجي للبلاد على البحر الأحمر وجمال الصحراء الطبيعية، إلى دفع النمو في القطاع للمضي قدمًا.
وفي حين أن هناك تحديات على مصر أن تتصدى لها لإطلاق إمكاناتها بالكامل في هذا السوق، منها نقص خيارات الإسكان بأسعار معقولة ونقص البنية التحتية الكافية في بعض المناطق، فإن التوقعات العامة تظل إيجابية بالنسبة للمستثمرين والمطورين الذين يسعون للاستفادة من الفرص غير المستغلة في مصر.
و بحسب لتقرير «نايت فرانك» للمنازل الصيفية في مصر، فإن زيادة الطلب على سوق المنازل الصيفية إلى تزايد الطبقة المتوسطة المحلية، والطلب على المنازل الثانية، وازدهار صناعة السياحة.
وسيكون قطاع المنازل الصيفية في مصر، قادر على زيادة فرص عمل كبيرة، وتحفيز النمو الاقتصادي، والازدهار في السنوات المقبلة من خلال تنفيذ استراتيجيات فعالة ودعم حكومي قوي.