في الآونة الأخيرة، بدأ العديد من تجار التجزئة في استثمار فكرة “تجربة العملاء” لتعزيز حركة المبيعات، وذلك كرد فعل على اتجاهات التسوق الاستهلاكية المتغيرة والتغيرات السكانية، حيث بدأ مطورو ومالكي مراكز التسوق في دمج البيع بالتجزئة مع مفاهيم الترفيه الجديدة. ويشير الخبراء في هذا المجال إلى أن هذا الاتجاه يسمى بـ “البيع بالتجزئة” أو “البيع بالتجزئة التجريبي”. إن هذا الاتجاه الجديد يساعد تجار التجزئة على جذب المتسوقين الجدد إلى المتاجر من خلال تقديم أنشطة ممتعة وتجارب جذابة.
ويشمل هذا الاتجاه العديد من المشروعات مثل الترفيه، وتجارة التجزئة، والفنون والثقافة، ودور السينما، والمطاعم، ومراكز الترفيه العائلي، ومراكز الثلج. ولكن مفتاح النجاح فيما يسمى بـ “البيع بالتجزئة” يكمن في بناء مزيج فريد من المستأجرين لجمع كل هذه المكونات تحت سقف واحد. ولقد تم بالفعل دمج عدد من عوامل الجذب الناجحة في مراكز التسوق اليوم مثل “سكاي مصر”، “ليتل إكسبلوررز”، و “ماجيك بلانيت” في مول مصر، و “ذا بارك” في مول العرب، و”ذا ماركيز” و”كيدزانيا” في كايرو فيستيفال سيتي.
لذلك تدرس “إنفستجيت” هذا الاتجاه من خلال استكشاف الأسباب الكامنة وراءه، وتأثيره على قطاع التجزئة والمستهلكين، بالإضافة إلى العقبات التي تحول دون تطبيقه.
الترفيه والبيع بالتجزئة؟
تعد مراكز التسوق الحديثة شائعة في مصر، خاصة في القاهرة، فهي تعمل جيدًا من الناحية العملية. وعلى الرغم من ذلك، هناك بعض الأسباب التي دفعت المطورين بشكل رئيسي إلى إنشاء المزيد من عمليات البيع بالتجزئة التفاعلية لتوفير تجربة بيع بالتجزئة مختلفة، وبالتالي زيادة وقت الإقامة، وهو متوسط الوقت الذي يقضيه المستهلكون في المركز التجاري.
وقال منصور أحمد، مدير قطاع الرعاية الصحية والتعليم والشراكة بين القطاعين العام والخاص في شركة “كوليرز” الدولية، إن تدفق الإمدادات دفع أيضًا إلى المنافسة بقوة بين مطوري مراكز التسوق، لضمان مراكز التسوق الخاصة بهم في المستقبل.
وتابع أحمد أن إجمالي المعروض من مساحات البيع بالتجزئة في القاهرة بلغ حوالي 2.1 مليون متر مربع في عام 2018، ومن المتوقع أن يرتفع بمقدار 375.000 متر مربع أخرى من مساحات البيع بالتجزئة، استنادًا إلى تقرير “عامًا في المراجعة 2018” الصادر عن “جي إل إل” حول سوق العقارات.
والسبب الآخر يرجع إلى ازدهار التجارة الإلكترونية. لقد حققت مصر أعلى نمو فيما يخص التسوق عبر الإنترنت في العالم العربي، بزيادة قدرها 32 % في حجم المدفوعات، وفقًا لتقرير “بايفورت” لعام 2017، بعنوان “حالة المدفوعات في العالم العربي”. وتتراوح أعمار هؤلاء الأشخاص بين 26 و 35 عامًا، لشراء المنتجات عبر الإنترنت، لذلك تعد هذه حقيقة مهمة تمهد الطريق أمام إمكانية استمرار نمو عمليات الشراء عبر الإنترنت في مصر، حيث أن غالبية السكان في مصر حاليًا تقل أعمارهم عن 30 عامًا، وفقًا للدراسة.
وأوضح أحمد أنه “من المعروف أن التركيبة السكانية من الشباب تتميز بالترفيه وتناول الطعام بالخارج و قضاء الوقت في تجربة مفاهيم جديدة في السوق. لذلك، تطورت عروض البيع بالتجزئة في القاهرة لتلبية احتياجات هذه الفئة العمرية”.
وأضاف أنه “لقد حدد المطورون منتجات وتسهيلات تفي بمتطلبات هذه العوامل السكانية، مثل FECs ومراكز التعليم والترفيه ودور السينما وقاعات ألعاب الأركيد ومناطق ألعاب الهروب والأنشطة الرياضية الداخلية”.
وتوفر تجارب الحياة الواقعية للمستهلكين شعوراً طويل الأمد بالسعادة والرضا من شراء أشياء جديدة، وذلك وفقًا لدراسة أجراها “توماس جيلوفيتش”، بجامعة “كورنيل”، وتوضح الدراسة أن أغلب الأشخاص يبتعدون الآن عن تجارة التجزئة التقليدية، أو شراء أشياء جديدة، أو حتى الذهاب إلى مراكز التسوق. وهذا هو السبب في أن إضافة الترفيه والمفاهيم المماثلة لمزيج البيع بالتجزئة أصبح الآن طريقة واحدة لتجار التجزئة ومراكز التسوق لجذب المستهلكين، مع جعلهم أقل حماسًا عند شراء البضائع.
فوائد البيع بالتجزئة
يعتبر الترفيه والطعام والمشروبات داخل مراكز التسوق اتجاهًا جديدًا ومتطورًا نسبيًا، كما أنه يؤثر بشكل كبير على صناعة البيع بالتجزئة.
وقال أحمد إن هناك علاقة إيجابية بين العروض الترفيهية في أي تطوير بالتجزئة وأداؤه، موضحًا أن معدلات الإشغال والإيجارات في المركز التجاري، إلى جانب كثافة التجزئة، تتأثر بشكل إيجابي من خلال الارتفاع الكبير في الوقت الذي يقضيه المستهلك، مما يؤدي إلى ارتفاع الإنفاق بالتجزئة على جميع الجبهات.
ولقد أقر تقرير بعنوان “مكونات النجاح” أجراه “معهد الأرض الحضارية” و”جي إل إل” في نوفمبر 2016، أن دمج منافذ الترفيه و الأطعمة والمشروبات يزيد من مبيعات التجزئة بنسبة 6.2 % و 5 % على التوالي، مع خفض معدلات الإشغال بنسبة 95 نقطة أساس – أو 0.95 %. ولقد تم تحديد ذلك استنادًا إلى أداء ثمانية مراكز تسوق في أوروبا، قامت مؤخرًا بترقية أو توسيع عقاراتها لتشمل مساحات إضافية للترفيه والأطعمة والمشروبات.
وقال باسيل رمزي، الرئيس التنفيذي لشركة “ماركيز” إن “دمج مثل هذا المفهوم في أي مركز تجاري يسهم في تحسن وضعه العام في السوق، كما أنه يؤكد حقيقة أن “تبني تجربة يحركها المستهلك من خلال مساحات مشاركة مبتكرة تتركز في مناطق الجذب الترفيهية، يساعد المشروع بشكل كبير على أن يصبح وجهة للمجتمع المحيط به”.
ومن جانبه، أوضح أحمد أن مزيج المستأجر الرائع لا يجذب تجار التجزئة المتميزين فقط، بل يجذب أيضًا تجار التجزئة التقليديين، كما أنه يمنح النفوذ للمطورين أو الملاك لزيادة الإيجارات على المستأجرين. وبشكل عام، يرغب المستأجرون في سداد الإيجارات المتميزة لمثل هذا النوع من التسوق والتخلي عن مراكز التسوق المعتادة، والتي تأتي مع مساحات محدودة للترفيه، لوا يوجد بها متاجر تجزئة.
وتابع إن المتاجرة العالية للمركز التجاري والوقت الذي يقضيه المستهلك، يُترجمان عمومًا إلى أحجام تجارية أعلى للمستأجرين، الذين يتفوقون بالتأكيد على مجموعة كبيرة من المستهلكين. فعلى سبيل المثال، يستفيد مستأجرو المأكولات والمشروبات بشكل مباشر من التدفق العالي للعملاء الذين يستهدفون العروض الترفيهية.
ومن جانب المستهلكين، أكد كلًا من رمزي وأحمد أنهما قد حصلوا على الفرصة للاستفادة من تجربة الاستمتاع بالعديد من العناصر الترفيهية المتميزة في مكان واحد داخل مركز تجاري مريح. وعلى سبيل المثال، قال أحمد، “يمكن للمستهلكين الجمع بين أعمال التجزئة الأسبوعية الملائمة، إلى جانب هذه الأنشطة الترفيهية، ويمكن للعائلات الشابة أيضًا ترك أطفالها للاستمتاع بـ FECs مثل “كيدزانيا” أثناء التسوق”.
مزايا البيع بالتجزئة
المطورون:
يزيد من الوقت الذي يقضيه المستهلك داخل المركز التجاري.
يدعم أهداف الحد الأدنى مثل زيادة إيرادات الإيجار ومبيعات التجزئة الإجمالية.
يضمن نجاح وحدات البيع بالتجزئة.
يجذب المستأجرين التقليديين وغير التقليديين.
يحسن معدلات الإشغال في المركز.
توفير أسباب للمستهلكين لزيادة زياراتهم، وبالتالي زيادة الإنفاق المحتمل في مراكز التسوق.
تجار التجزئة:
يجذب مجموعة أكبر من المستهلكين.
يزيد من حجم التجارة.
الزائرين:
يقدم تجربة جذابة.
يزيد من الأسباب للذهاب إلى مراكز التسوق ويجذب المستهلكين للزيارة.
يسمح بالزائرين.
و ماذا بعد في البيع بالتجزئة؟
على الرغم من الفرص المختلفة التي تتيحها تجارة التجزئة، إلا أنها لا تزال تطرح بعض التحديات. وأشار أحمد إلى أن بعض المفاهيم التي تتعلق بعروض الترفيه التي يقدمها المطورون المحليون أصبحت متكررة بشكل كبير.
ولهذا السبب، قال أيمن سامي، رئيس منظمة “جي إل إل” في مصر إنه “في ظل المنافسة الشديدة، هناك ضغط متزايد على تطورات البيع بالتجزئة، للسماح للتجار بتمييز أنفسهم بشكل أدق. لم يعد هناك مجال للمراكز التجارية التقليدية لأنهم لا يحصلون على عدد الزائرين الكافي”.
من وجهة نظر رمزي أن التحدي الآخر هو جذب العميل من خلال تجربة يستجيبون لها، هذا يتطلب استثمارات تشغيلية ومالية. “ثانياً ، يجب فهم كيف يؤثر ذلك على النتيجة النهائية، والتنبؤ بأن ذلك سيكون دائمًا عقبة أمام أي لجنة استثمار”.
لذلك ، ينبغي لمراكز التسوق أن تضع في الاعتبار النقاط التالية عند التفكير في دمج الترفيه بالبيع بالتجزئة:
معرفة السوق: قال سامي إنه يجب على أي مطور تحديد الجمهور المستهدف والتفضيلات الخاصة بهم. كما أنه هام للغاية التعرف على المنافسين الآخرين والاعتراف بما يقدمونه.
كن مبدعًا: يوصي أحمد المطورين العقاريين بالبحث عن جلب مفاهيم حديثة ليس فقط من داخل المنطقة العربية، ولكن من خلال المشهد الدولي.
اختر المزيج الصحيح: أكد أحمد أنه يجب جذب والعثور على مزيج مناسب من تجار التجزئة التي لديهم الجدارة الائتمانية، بالإضافة إلى المستأجرين الترفيهيين لضمان أن يكون هذا التطوير جاذب للعملاء الحاليين ويجلب المزيد من الزائرين.
الحفاظ على الاتجاهات الناشئة: قال رمزي “إننا نقوم باستمرار بإجراء أبحاث السوق الخاصة بنا لتحديد الاتجاهات الجديدة لنكون قادرين على تقديم خدمات وعروض فريدة لتلبية توقعات واحتياجات العملاء”.
اختيار المكان المناسب: أكد سامي أن موقع التطوير هام للغاية لتحقيق النجاح الحقيقي لأي مطور للبيع بالتجزئة، كما يجب على المطورين البحث عن مجالات الطلب المرتفع.