كتبت: أمل عبد الوهاب
ترجمة: شيماء إبراهيم
قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي: “نحن على ثقة من أن العالم سوف يجتمع مرة أخرى لتأكيد التزامه بأجندة المناخ العالمي على الرغم من الصعوبات والشكوك في عصرنا الحالي”. لذلك، فإن مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ لعام 2022 «COP27» هو لحظة حقيقة للمجتمع الدولي. ويركز المؤتمر في نسخته هذا العام، المنعقد في شرم الشيخ، على أفريقيا، والتنفيذ، والتمويل، على نطاق واسع. ويجب أن نحرص على زيادة دعمنا لتلبية تطلعات الأفراد لبناء مستقبل أخضر ومرن وشامل.
نظرًا لأن العمل المناخي يحتل مركز الصدارة في الوعي العام، فإن «COP27» ينعقد في شرم الشيخ في الفترة من 6 إلى 18 نوفمبر من العام الجاري، الذي يشهد التقلبات المناخية العالمية غير المسبوقة، وأزمة الطاقة، كما تؤكد البيانات العلمية أن العالم لا يفعل ما يكفي لحماية مستقبل كوكبنا. ومع ذلك، فإن هذا المؤتمر العالمي يعد فرصة لإظهار الوحدة ضد تهديد وجودي يمكن التغلب عليه من خلال العمل المتضافر والتنفيذ الفعال.
ويقام الحدث الرئيسي في مركز شرم الشيخ الدولي للمؤتمرات «SHICC». وتم تسجيل أكثر من 35,000 شخصًا لحضور المؤتمر، ممثلين عن الحكومات والشركات، والمنظمات غير الحكومية، ومنظمات المجتمع المدني. كما يشارك في هذا الحدث حوالي 110 رئيس دولة. وسيجتمع رؤساء الدول والوزراء والمفاوضون، إلى جانب نشطاء المناخ ورؤساء البلديات وممثلي المجتمع المدني والرؤساء التنفيذيين، في مدينة شرم الشيخ الساحلية المصرية بأكبر تجمع سنوي حول العمل المناخي.
ويعتمد مؤتمر «COP27» على نتائج الدورة الـ 26 لمؤتمر الأطراف «COP26» لاتخاذ إجراءات بشأن مجموعة من القضايا الحاسمة لمعالجة حالة الطوارئ المناخية انطلاقًا من الحد بشكل عاجل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وبناء القدرة على الصمود والتكيف مع الآثار الحتمية لتغير المناخ، وصولًا إلى الوفاء بالتزامات تمويل العمل المناخي في البلدان النامية.
ومن أجل مواجهة أزمة الطاقة المتزايدة، والتركيزات القياسية لغازات الاحتباس الحراري، وزيادة الظواهر المناخية القاسية، يسعى «COP27» إلى تجديد التضامن بين البلدان، لتحقيق اتفاق باريس التاريخي، من أجل الأفراد وكوكب الأرض. وتعد قمة المناخ لعام 2022، علامة فارقة لإجراءات وشراكات أصحاب المصلحة المتعددين عبر القضايا الخمس الرئيسية المتعلقة بالطبيعة والغذاء والماء وإزالة الكربون من الصناعة والتكيف مع المناخ.
وينعقد مؤتمر المناخ في منطقتين؛ المنطقة الزرقاء والمنطقة الخضراء. تدير الأمم المتحدة المنطقة الزرقاء حيث يتم استضافة المفاوضات. وعلى الجانب الآخر، تدار المنطقة الخضراء من قبل الحكومة المصرية وهي مفتوحة للجمهور الذي قام بالتسجيل، وتشمل فعاليات ومعارض وورش عمل ومحادثات لتعزيز الحوار والتوعية والالتزامات بشأن تغير المناخ.
وإلى جانب المفاوضات الرسمية، هناك غرف اجتماعات، وأجنحة، وموائد مستديرة، وحلقات نقاش، وآلاف الأحداث الجانبية التي يتم تنظيمها، مقسمة على أيام تم تخصيصيها لمناقشة العديد من الموضوعات، وهي: التمويل، والعلوم، والشباب والأجيال القادمة، وإزالة الكربون، والتكيف والزراعة، والجنس، والمياه، والمجتمع المدني، والطاقة، والتنوع البيولوجي والحلول.
وفي الوقت الذي تستعد فيه مصر لاستضافة «COP27»، تعمل الدولة التي تضم عددًا كبيرًا من السكان على تكثيف المبادرات لتحسين المؤهلات البيئية للبلاد وزيادة وتيرة انتقالها إلى اقتصاد منخفض الكربون. وفي هذا الصدد، تسلط «إنفستجيت» الضوء على بعض استعدادات مصر لاستضافة مؤتمر «COP27» التاريخي.
مؤتمر مستدام
يعد تقديم مؤتمر مستدام محايد للكربون أحد أولويات العمل المناخي. وفي هذا الشأن، تتبنى مصر العديد من المبادرات المتعلقة بـ «COP27»، بما في ذلك المشروعات المتعلقة بالنقل المستدام، وإعادة تدوير المخلفات، وصحة المرأة، والانتقال إلى الطاقة النظيفة، والمدن المستدامة، وتدابير التكيف في قطاع المياه والزراعة.
ونظرًا لانعقاد المؤتمر في قلب مدينة شرم الشيخ الخضراء، لذلك، تأتي الاستدامة على رأس أولويات الدولة في جميع مراحل عملية الإعداد اللوجستي لمؤتمر «COP27».
يمكن التعرف على أولويات مبادئ الاستدامة وميزاتها داخل شرم الشيخ من خلال استخدام الطاقة المتجددة، وكفاءة الطاقة، والتنقل الإلكتروني، وإعادة استخدام المياه والحفاظ عليها، واعتماد عملية إدارة النفايات المناسبة.
تم دمج المبادئ التوجيهية المستدامة في تحضيرات «COP27»، ويشمل هذا استخدام بدائل صديقة للبيئة قابلة لإعادة التدوير للمنتجات البلاستيكية واستخدام الورق. علاوةً على ذلك، تم الأخذ في الاعتبار كل ما يتعلق بأبعاد الاستدامة في المشتريات ومواد البناء وسلسلة التوريد والمطاعم.
الإقامة والمواصلات
في الطريق إلى «COP27» في شرم الشيخ، تكمن الاستدامة في جوهر الانتقال الطموح والعادل نحو العمل المناخي، وذلك في محاولة لاستضافة مؤتمر يمثل المستقبل الذي نطمح إليه جميعًا.
حيث كلفت الحكومة المصرية باستخدام الطاقة المتجددة خلال المؤتمر، كما قامت بتطوير الأنظمة اللازمة لترشيد استهلاك الطاقة في مطاري القاهرة وشرم الشيخ، ومركز المؤتمرات الدولي، والفنادق.
وفي وقت سابق، كشفت وزارة السياحة والآثار المصرية أن هناك 132 مؤسسة فندقية في شرم الشيخ قد حصلت على اعتماد يؤكد أنها تستخدم ممارسات صديقة للبيئة، ويأتي ذلك في سياق تحويل شرم الشيخ إلى مدينة صديقة للبيئة كجزء من الاستعدادات لمؤتمر «COP27».
علاوةً على ذلك، حصل حوالي 22 فندقًا على شهادات دولية كفنادق صديقة للبيئة، وهناك 64 فندقًا جارٍ حصولهم على شهادة Green Star، بالإضافة إلى أنه يتم إجراء نظام مراجعة مستمرة من قبل وزارات الدولة لإجراءات النظافة والسلامة في الفنادق. ويذكر أن فنادق شرم الشيخ ومنشآتها السياحية والحكومية سيتم تشغيلها بالغاز الطبيعي.
واستعدادًا لمؤتمر «COP27»، أنشأت المدينة الساحلية المطلة على البحر الأحمر أيضًا 24 محطة شحن ذكية للحافلات وتزويد السيارات بالوقود، لحوالي 130 حافلة صديقة للبيئة من بينها: 50 حافلة تعمل بالطاقة الكهربائية و85 تستخدم الغاز الطبيعي لنقل الحاضرين بالمؤتمر عبر خطوط محددة.
البنية التحتية للاتصالات
تم تطوير البنية التحتية للمعلومات في شرم الشيخ جيدًا لاستقبال ضيوف مؤتمر «COP27». كما قام المسؤولون الحكوميون بزيارات لمتابعة الاستعدادات للبنية التحتية للاتصالات في مدينة شرم الشيخ لضمان تقديم الخدمات الرقمية، والوصول إلى الإنترنت عالي السرعة، وخدمات الاتصالات في جميع الفنادق والمرافق السياحية التي ترحب بالمشاركين في COP27. كما تم ربط 104 فندقًا في شرم الشيخ عبر شبكة الألياف الضوئية.
علاوةً على ذلك، تم إطلاق تطبيق الهاتف المحمول الخاص بـ «COP27» مؤخرًا. ومن خلال التطبيق الجديد، يمكن للمشاركين الحصول على العديد من خدمات الصحة، والسياحة، والخدمات اللوجستية، فضلاً عن أن هذا التطبيق يمكن المشاركين من التخطيط لرحلاتهم، ومعرفة آخر أخبار «COP27»، وترجمة التعليمات إلى لغاتهم، كما يوفر خدمات الطوارئ الرئيسية ووسائل الاتصال المباشر مع خدمة العملاء للزوار.
مصر بعد قمة المناخ «COP27»
إلى جانب «COP27»، تعمل مصر على تحقيق استراتيجيتها الوطنية لتغير المناخ 2050 التي تبلغ تكلفتها مليار دولار لدعم اقتصاد أقوى وأكثر اخضرارًا. وتقوم الاستراتيجية على الحد من الانبعاثات في جميع القطاعات، والتكيف مع التغيرات المناخية المحتملة، في الزراعة والموارد المائية والمناطق الساحلية والصحة.
وفي الآونة الأخيرة، أعلنت الحكومة المصرية أنها ستوقع عددًا من اتفاقيات التمويل الأخضر المستدام منخفض التكلفة لـ 9 مشروعات باستثمارات قدرها 15 مليار دولار خلال مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ الرائد.
وتركز الـ 9 مشروعات بشكل أساسي على مجالات الأمن الغذائي والطاقة والري والموارد المائية. وتأتي هذه التمويلات في إطار برنامج «نوفي».
إن «COP27» هو فرصة كبيرة للعالم للتعاون الآن بطرق جديدة ومبتكرة لتسريع الجهود العالمية لمواجهة أزمة المناخ وضمان مستقبل أنظف وأكثر عدلًا للجميع.
