كتبت: إيمان إبراهيم
مع استمرار توسع حجم الاقتصاد المصري، وطرح الحكومة العديد من المشروعات الضخمة، إلى جانب سعيها إلى الترويج لتلك المشروعات بمختلف المحافل الدولية المقامة داخل مصر وخارجها، تتجه أنظار المستثمرين لاقتناص تلك الفرص.
وخلال الفترة الأخيرة، كانت أبرز الاستثمارات الخارجية من جانب دول مجلس التعاون الخليجي، فقد رأيناها تعقد صفقات بمختلف القطاعات، فقد ضخت شركات الخليج المزيد من الاستثمارات في شتى المجالات، وكان للقطاع غير النفطي نصيب الأسد.
وحسب ما أعلنه مجلس الوزراء، فقد ارتفع الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر بالقطاعات غير النفطية إلى 11.6 مليار دولار، مع نهاية السنة المالية 2021 – 2022، أي بزيادة 81.3% لتشكل أعلى معدل في 10 سنوات، ووصل حجم شـراء العقارات من غير المقيمين إلى 970 مليون دولار، ليشكل بذلك 9% من صافي الاستثمار الأجنبي.
ومع انطلاق مشروع العاصمة الإدارية قبل 7 سنوات، اتجهت أنظار المستثمرين سواء المختصين بالقطاع العقاري أو غيره من القطاعات إليها، كما أنها نجحت في جذب كبرى الشركات العقارية الخليجية، ولكن وفق ما ذكره الخبراء لـ «إنفستجيت» إنه مازال أمام الدولة فرصًا هائلة لزيادة حجم هذه الاستثمارات. لذا يعرض الخبراء دور العاصمة الجديدة في جذب المزيد من الاستثمارات الخليجية من خلال طرح رؤى وآليات من شأنها تذليل العقبات أمام المستثمرين.
مشاركة دون الطموح
قال أشرف دويدار، خبير التطوير العقاري، إن مشروع العاصمة الإدارية نجح في جذب المزيد من الاستثمارات الخليجية إلى القطاع العقاري المصري، عن طريق وجود بعض الشركات الإماراتية والسعودية المهتمة بالسوق والتي تعمد إلى عقد صفقات واندماجات مع شركات مصرية للاستفادة من الفرص المتنامية في هذا السوق بنحو عام وليس العاصمة الإدارية وحدها، وذلك منذ عامين أو 3 أعوام.
وعلى الرغم من ذلك، كشف دويدار أننا مازلنا نحتاج إلى زيادة نسبة مشاركة الاستثمار الخليجي في العاصمة الإدارية، إذ تقتصر المشاركة على بعض الكيانات الكبرى التي على دراية بالسوق المصري، فيما تترقب باقي الشركات المتوسطة وصغيرة الحجم نجاح التجربة، بما قد يشكل حافزًا لضخ المزيد من الاستثمارات بالمدن الجديدة.
ولفت دويدار إلى أن السوق المصري يعد جيدًا لتلك الشركات المهتمة فهو قادر على تحقيق عوائد على المدى الطويل، كما أن تراجع الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي زاد من شهية المستثمر الأجنبي لشراء العقار في مصر، وذلك عند مقارنة سعر الوحدة بالدولار الأمريكي، ومع مرور الوقت يرتفع سعرها بما يزيد من عوائد المستثمر.
بدوره، أكد حسن إبراهيم، خبير التطوير العقاري، أن العاصمة الإدارية كان لها دورًا كبيرًا في زيادة الاستثمار الخليجي بالقطاع العقاري المصري، مبينًا دخول بعض الكيانات الكبرى التي نجحت في تحقيق مكاسب، إلا أن حجم التواجد لا يزال بحاجة إلى تشجيع، وذلك نظرًا إلى أن سوق العقار في دول مجلس التعاون الخليجي أصبح تنافسي ويستند على مواصفات عالمية.
وفي السياق ذاته، قال محمد البستاني، رئيس مجلس إدارة شركة “البستاني” للتطوير العقاري، ورئيس جمعية مطوري القاهرة الجديدة والعاصمة الإدارية، ويشغل أيضًا منصب نائب رئيس شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، من المتوقع أن يرتفع معدل الاستثمار الخليجي في القطاع العقاري في الفترة المقبلة خاصة مع الزيارات التعريفية التي تجريها الدولة على رأسها زيارات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
هل نحتاج إلى إقرار تسهيلات؟
كشف دويدار أن هناك مقترحات بطرح تسهيلات أكثر للمستثمرين من خلال الحصول على الجنسية عند تملك عقارات بقيم تحددها الدولة، ولكن لا توجد آليات واضحة للتطبيق على أرض الواقع.
وتابع:” المستثمر الخليجي لا يحتاج إلى تملك العقار في مصر للحصول على الجنسية تسهيلًا لاستثماراته لأنه قادر على التحرك والاستثمار بسهولة في السوق المصري، لذا فنحن بحاجة إلى آليات جديدة قادرة على زيادة التدفقات الخليجية للقطاع العقاري”.
وفي سياق متصل، ذكر دويدار أن القطاع العقاري المصري ليس بمعزل عن الوعاء الاقتصادي ككل، لذلك يجب أن تكون المنظومة الاقتصادية بمختلف مجالاتها وتشريعاتها جاذبة للمستثمر، حتى نكون على خريطة الاستثمار العالمي بصورة أكبر وليس الخليجي فقط، وذلك يتم من خلال عدة طرق بينها تسريع وتيرة حل النزاعات الاقتصادية، أو من خلال تحجيم البيروقراطية وتذليل مختلف العقبات، وثبات أسعار الأراضي لنحو 5 سنوات.
وبين دويدار أن العاصمة الإدارية بها فرص استثمارية ضخمة على مختلف المجالات، كما أن هناك أراضي كثيرة لم تُخصص بعد، ومع اهتمام الدولة ورئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي بها بشكل خاص، لذا فالعاصمة الإدارية لديها كافة المقومات بأن تكون نقطة الانطلاقة في تحقيق تلك الرؤى الاستثمارية، وأن تكون مركزًا ومصبًا للاستثمار العالمي بمختلف جنسياته، داعياً إلى ضرورة التحرك سريعًا في ذلك الملف للحفاظ على تنافسية سوق العقار المصري بين بلدان المنطقة خاصة مع المشروعات الضخمة التي تقام في المملكة العربية السعودية وفرص التمويل المقدمة منها.
وعلى الجانب الأخر، أكد إبراهيم على ضرورة تطوير مشروعات البنية التحتية لجذب المزيد من الاستثمارات، وتقنين طرق البيع والتأجير في العاصمة من خلال التوصيف الدقيق للمباني المعروضة للبيع لتنظيم السوق بصورة أكبر، ليتواكب مع ما يحدث في دول العالم والخليج.
وقال إبراهيم:” نحن بحاجة إلى تسهيلات تشريعية أيضًا وتطبيق قانون التطوير العقاري بما يكفل للشركات الاحتفاظ بجزء من رؤوس الأموال حمايةً لمستثمريها، كما أن قطاع الوساطة العقارية بحاجة أن يكون جزءًا من قانون التطوير العقاري ليضفي أمنًا على العملية البيعية لدى المتعاملين في العقار”.
وأضاف إبراهيم:” نحن بحاجة إلى التواجد في المعارض الدولة للتعريف بالفرص الاستثمارية المتاحة والإمكانيات في العاصمة الإدارية، وتطوير آليات الاستثمار لتصبح جاذبة”.
توقعات بتسجيل نشاط بسبب التسهيلات
وفي سياق آخر، ذكر البستاني أن القطاع العقاري لا ينقصه تسهيلات في مصر، فهناك العديد من التيسيرات كطرح أراضي للمستثمرين بالقسط بمواقع مميزة، كما تطرح هيئة المجتمعات العمرانية أراضي بالتخصيص المبكر للاستثمارات الأجنبية.
وعن التعديلات التي أعلنتها الحكومة المصرية مؤخرًا بشأن منح الجنسية للمستثمرين عند شراء عقار لا يقل عن 300.000 دولار أمريكي، نوه البستاني بأن القرار يسهم في زيادة معدلات تصدير العقار المصري الذي يعد ذا جاذبية لكونه من الأقل في المنطقة، كما يعزز من العقار كأحد أهم مصادر جذب النقد الأجنبي في مصر، وذلك في ظل حالة الزخم العمراني الذي تشهده البلاد حاليًا.
وتابع البستاني أنه رغم تأثر المبيعات في الفترة السابقة بسبب التقلبات الاقتصادية، إلا أنه من المتوقع نشاط المبيعات في الفترة المقبلة مع وجود اهتمام أكبر بالعاصمة وانتقال جزء من الحكومات، والتوجه إلى مرحلة التشغيل.
وفي الختام، اتفق الخبراء العقاريون على الدور الهام للعاصمة الإدارية في جذب المزيد من الاستثمارات العالمية والخليجية بشكل خاص، كما عدد الخبراء الآليات التي قد تسهم في تذليل عقبات المستثمرين بشكل عام؛ وذلك حفاظًا على استمرار تنافسية القطاع العقاري المصري.