المجتمعات السكنية المغلقة تستحوذ على اهتمامات المستثمرين

المجتمعات السكنية المغلقة تستحوذ على اهتمامات المستثمرين

لا شك أن اتخاذ قرار الاستثمار في العقارات يعد من أهم القرارات في الحياة، بل مجرد شراء منزل يتطلب الكثير من التفكير وعقد المقارنة بين المدن والمناطق المختلفة لاختيار الأفضل منها.

وبرز السوق العقاري المصري مؤخرًا كوجهة مفضلة للاستثمار، حيث ساهم القطاع العقاري بحوالي 20% من الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2023، وازداد الطلب على العقارات بنسبة 12:10%.

كما يعكس النمو المتوقع في الناتج المحلي الإجمالي لمصر بنسبة 4.8% في عام 2025 الزخم الإيجابي العام في سوق العقارات في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا؛ مدفوعًا بالتنويع الاقتصادي السريع، ومشاريع البنية التحتية التحويلية، والتركيز المتزايد على الاتصال الرقمي، وفقًا للتقرير الصادر عن «جيه إل إل».

ومع التطور الكبير الذي تشهده المدن الجديدة بجانب المدن القديمة، قد يكون الخيار بين امتلاك وحدة في مدينة جديدة أو قديمة تحديًا حقيقيًا، لكل خيار مميزاته واعتباراته التي تلائم أنماط حياة مختلفة وأهداف استثمارية متنوعة.

وتشير اتجاهات سوق العقارات إلى زيادة الطلب على المجتمعات المغلقة المسورة، لا سيما في المناطق الحضرية حيث يتم تقييم الأمان والخصوصية والوصول إلى وسائل الراحة من قبل مشتري المنازل. أدى هذا الطلب إلى زيادة تطوير المجتمعات المسورة، حيث يركز المطورون على توفير مجموعة واسعة من وسائل الراحة والمساحات الخضراء لجذب العملاء. بالإضافة إلى ذلك، أدى ظهور العمل عن بُعد بسبب جائحة  COVID-19إلى زيادة الطلب على المجتمعات المغلقة، حيث يبحث الأفراد عن بيئات معيشية أكثر اتساعًا وراحة مع إمكانية الوصول إلى المرافق الترفيهية.

وفي هذا التقرير، سنتناول تطور المجتمعات المغلقة، ومزايا وعيوب امتلاك عقار في المدن الجديدة والمجتمعات المسورة مقارنةً بالمدن القديمة. كما سنستعرض أهم العوامل التي يجب مراعاتها لاتخاذ القرار الأفضل للاستثمار، بالإضافة إلى مناقشة مستقبل المجتمعات المغلقة المسورة.

نشأة وتطور المجتمعات المغلقة المسورة:

ظهرت المجتمعات المسورة في ثمانينيات القرن الماضي كنتيجة للتغيرات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، وشرعت في الظهور كمنازل ثانوية في المناطق الساحلية، وبعد ذلك، انتشرت في المدن المصرية الكبرى، خاصة في القاهرة الجديدة ومدينة السادس من أكتوبر، والشيخ زايد.

وخلال العشرين عامًا الماضية، شهدت المجتمعات السكنية المسورة نموًا سريعًا في مصر، وأصبح بناء المجتمعات ذات البوابات الخاصة اتجاهًا جماعيًا في التتنمية الحضرية للمدن الجديدة على مشارف منطقة القاهرة الكبرى، سعيًا منها لتوفير مستوى معيشة أفضل لسكانها. ونتيجةً لذلك، انتقل العديد من المصريين إليها لتحسين جودة حياتهم من خلال تلبية احتياجاتهم الإنسانية، ولكن هناك بعض السكان لا تفضلها نظرًا لبعدها عن وسط المدينة وعن أشهر الأحياء في مصر.

مميزات امتلاك وحدة في مدينة جديدة

البنية التحتية الحديثة: تتمتع المدن الجديدة ببنية تحتية متطورة تشمل أنظمة نقل حديثة وشبكات طرق متقدمة. كالعاصمة الإدارية الجديدة تتميز بشبكة نقل متكاملة ومرافق حديثة.

إمكانات النمو المستقبلي: غالبًا ما يقدم المطورون خطط سداد مرنة، مما يسهل عملية الاستثمار، فالعقارات في المدن الجديدة تتمتع بفرصة كبيرة لزيادة قيمتها مع ارتفاع الطلب عليها.

الخدمات الحياتية العصرية: تهتم المدن الجديدة بتوفير مساحات خضراء واسعة، ومناطق مخصصة للمشي، ومرافق ترفيهية، مثل: مدينة العلمين الجديدة التي تجمع مظاهر الحياة الفاخرة.

التخطيط المجتمعي المنظم: حيث يتم تصميم هذه المدن بخطط رئيسية تضمن توازنًا بين المناطق السكنية، التجارية، والترفيهية.

التحديات التي تواجه المدن الجديدة

البعد عن مراكز المدينة: بعض المدن الجديدة قد تكون بعيدة عن مراكز الأعمال والمناطق الحيوية، مما يجعل التنقل اليومي صعبًا.

عدم اكتمال التطوير: بعض المناطق في المدن الجديدة قد تفتقر إلى المدارس، المستشفيات، أو مراكز التسوق في المراحل الأولى.

عدم الاستقرار الاستثماري: على الرغم من الإمكانات العالية، قد تستغرق الأسواق الناشئة وقتًا لتحقيق الاستقرار.

مميزات المدن القديمة

المدن القديمة مثل القاهرة، الإسكندرية، والجيزة تمتاز بتاريخها الغني وثقافتها العريقة. هذه المناطق توفر مجتمعات متأصلة وبنية تحتية موثوقة تلبي احتياجات السكان منذ سنوات طويلة، ومن أهم تلك المميزات:

الموقع المركزي: عادة ما تكون العقارات في المدن القديمة قريبة من المناطق التجارية، المؤسسات التعليمية، وأماكن الترفيه، مثل منطقة وسط البلد في القاهرة يتميز بالقرب من المعالم السياحية والأنشطة التجارية.

مجتمعات قائمة ومتكاملة: المدن القديمة تتمتع بجو عائلي ومجتمعات مترابطة مع أجواء ثقافية مميزة، وتوفر المدارس، المستشفيات، وخيارات التسوق بكثرة وبدون تأخير.

استثمار موثوق: تُعتبر العقارات في المدن القديمة استثمارًا آمنًا نظرًا للطلب المستقر واتجاهات السوق المعروفة.

وسائل النقل العام: توفر المدن القديمة شبكات مواصلات متقدمة تشمل مترو الأنفاق والحافلات العامة.

التحديات التي تواجه المدن القديمة

البنية التحتية المتهالكة: تواجه العديد من المدن القديمة تحديات مثل الازدحام المروري، شبكات المرافق القديمة، والمناطق المكتظة بالسكان.

قلة المساحات الخضراء: تتركز أغلب المدن القديمة على البناء الحضري مما يحد من توفر الحدائق والمساحات المفتوحة.

ارتفاع التكاليف الأولية: غالبًا ما تكون أسعار العقارات في المواقع المتميزة بالمدن القديمة أعلى مقارنةً بالمدن الجديدة.

ويبقى السؤال هنا أيهما أفضل الاستثمار في المدن الجديدة والمجتمعات المغلقة أم المدن القديمة؟

يعد اختيار الاستثمار في وحدة عقارية ضمن المجتمعات الذكية المسورة أحد التوجهات السائدة في السوق العالمية وكذلك في مصر، وظهر هذا التوجه تزامنًا مع إدراك المشترين أنماط الحياة الفاخرة والمريحة.

وتزخر مصر بخيارات سكنية متعددة في مجتمعات مجهزة بأحدث التقنيات، والتي بناها نخبة من أبرز المطورين العقاريين، ولكن الكل يختار على حسب أولوياته.

فالمدن الجديدة والمجتمعات المغلقة تتميز أسعارها بأنها أنسب وأقل إلى حد ما، ولكن مع مرور الوقت ترتفع قيمتها بشكل كبير، كما تمتاز أيضا بعوائد إيجارية مرتفعة في المستقبل، نظرًا للنمو السكاني وتوافر الخدمات، وبالتالي تكون مربحة بشكل كبير، فمنذ عام 2020 ارتفعت الإيجارات بنحو 87%.

أما بالنسبة للمدن القديمة؛ فتكون أسعار العقارات بها مرتفعة بسبب الطلب القوي ومحدودية الأراضي المتاحة للمشروعات الجديدة.

وبالتالي يعتمد الاختيار بين الاستثمار في المدن الجديدة أوالقديمة على الأهداف الاستثمارية للمشتري.

1.3 تريليون جنيه استثمارات بالمدن الجديدة من 2014 حتى 2023

بلغ إجمالي الاستثمارات بالمدن الجديدة “الأجيال السابقة والجيل الرابع” فى الفترة من 2014: 2023 حوالي 1.3 تريليون جنيه، منها 975 مليار جنيه لإنشاء وتنمية مدن الجيل الرابع بنسبة 75 % من الاستثمارات، و325 مليار جنيه لتطوير ورفع كفاءة مدن الأجيال السابقة بنسبة 25 % من الاستثمارات.

فضلًا عن ذلك، تطور معـدل الإنفاق الاستثماري على المجتمعات العمرانية الجديدة؛ حيث بلغ إجمالى الإنفاق منذ عام 1978 وحتى عام 2023 نحو تريليونا و364 مليار جنيه، منها 64 مليار جنيه خلال 36 عاماً (1978 الى 2014)، أى بمعدل إنفاق سنوى 1.8 مليار جنيه، و1.3 تريليون جنيه خلال 9 سنوات (2014 : 2023)، أى بمعدل إنفاق سنوى 144 مليار جنيه.

مستقبل المجتمعات المغلقة في مصر:

أصبحت المجتمعات المغلقة خيارًا استثماريًا شائعًا للمستثمرين العقاريين، حيث أنها تقدم عوائد أعلى ومعدلات شغور أقل مقارنة بالعقارات السكنية التقليدية. علاوة على ذلك، أدت الشعبية المتزايدة للمجتمعات المسورة إلى زيادة قيمة العقارات ضمن هذه التطورات، مما يجعلها خيارًا جذابًا لكل من مشتري المنازل والمستثمرين على حد سواء. ومع ذلك، من الضروري النظر في التأثير المحتمل للتقلبات الاقتصادية وتغيير تفضيلات المستهلكين على الاستدامة طويلة الأجل للمجتمعات المسورة كخيار استثمار عقاري.

فضلًا عن أن المدن الكبرى كالقاهرة والإسكندرية تشهد توسعًا ملحوظًا، ومن المرجح أن تؤدي المبادرات الحكومية لتطوير مناطق حضرية جديدة، المزيد من المجمعات السكنية المغلقة، مثل: العاصمة الإدارية الجديدة.

ووفقًا لتصريحات وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، المهندس شريف الشربيني؛ أن مساحة المعمور بالسكان في مصر تبلغ حاليا 14%، ومستهدف زيادتها بنسبة 2% خلال عامي 2025 و2026، وذلك من خلال تطوير المدن الجديدة القائمة، وتنمية جيل جديد من المدن الذكية، مشيرًا إلى أن الوزارة تقوم باستمرار تنفيذ المدن القائمة بعدد 22 مدينة، وما يتعلق بها من مرافق، وكذلك استكمال مدن الجيل الرابع بعدد 38 مدينة وعلى رأسها العلمين الجديدة، والمنصورة الجديدة، والعاصمة الإدارية الجديدة.

تحولات في سلوك المستهلكين نحو المواقع الحضرية والمشروعات الجديدة خلال 2025

أكد خبراء القطاع العقاري أن الجهود التي تبذلها الحكومة لتحسين بيئة الاستثمار أصبحت تؤتي ثمارها، إذ يعزز تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر الثقة في قطاع العقارات المصري. وقد ساهم تحسن الظروف الاقتصادية والسوقية في تعزيز الثقة الدولية، مما أتاح فرصاً كثيرة واعدة للمستثمرين المحليين والدوليين الباحثين عن نمو طويل الأجل وعوائد مستقرة.

كما تقدم مصر مزيجاً جاذباً من ارتفاع عوائد الإيجار، وفرص الأعمال، والتجارب الثقافية، ووسائل الراحة الحديثة، بما في ذلك خيارات تعليمية متنوعة في مواقعها الحضرية. إضافة إلى ذلك، تُتيح جاذبية القاهرة التاريخية والثقافية، ومشاريع البنية التحتية الطموحة، مثل العاصمة الإدارية الجديدة، فرصاً لا مثيل لها للمشترين الدوليين. كما تجذب المشاريع المطلة على البحر في البلاد المستثمرين الدوليين لما توفره من مزايا نمط الحياة المُحسنة، وإمكانية تأجيرها لقضاء العطلات أو العيش بعد التقاعد، فضلاً عن حصرية هذه العقارات الفاخرة خلال 2025، وذلك وفقًا للتقرير الصادر عن «جيه إل إل».

وبالتالي يمكن القول، بأن مستقبل المجتمعات السكنية المغلقة سيتأثر بالنمو العمراني والتقدم التكنولوجي وتطور أنماط الحياة، إلا أن نجاحها  سيعتمد على ضمان تحقيق تنمية مستدامة ومتكاملة، ومن ثم جذب العملات الصعبة وتعزيز النمو الاقتصادي.

تسجيل الدخول

Welcome! Login in to your account

تذكرنيفقدت كلمة المرور؟

لا تملك حساب Register

فقدت كلمة السر

Register