مع ظهور التطورات الجديدة والضخمة يوميًا في مصر، استطاع مجال العقارات الآن أن يقدم المهن التي تضع إمكانيات متنوعة لأي مخطط انسيابي محترف. وعلى الرغم من ذلك، فإن اقتحام مجال العقارات ليس أمرًا سهلًا، خاصة بالنسبة للمرأة، على الرغم من إثبات قدراتها في بيئة العمل. لذلك أجرت “إنفستجيت” مقابلات مع عدد من المهنيات الرائدات والناجحات في مجالات الوساطة العقارية والتسويق والعلاقات العامة، لمعرفة المزيد حول المكاسب والعقبات التي تواجه المرأة في هذا القطاع الصعب.
هل مجال العقارات سهل بالنسبة للمرأة؟
على مر العصور، كان من المعروف أن قطاع العقارات يهيمن عليه الذكور فقط، ولكنه الآن تغير بعض الشيء نتيجة تقبل مشاركة المرأة بالقطاع، وأصبح هناك زيادة في مشاركة المهنيات من النساء في هذا المجال، الذي لا يزال يصاحبه عدد من التحديات. وتؤكد أغلب المهنيات في قطاع العقارات على أن النجاح لم يكن سهلًا على الإطلاق.
وذكرت عايدة قابيل، مدير التسويق في “تطوير مصر” أن “كما هو الحال في أي مجال آخر، فإن سوق العقارات مليء بالتحديات، خاصة أن مستوى المنافسة يتزايد باستمرار”.
وقالت عاليا النجدي، مدير الاتصالات المؤسسية والعلاقات العامة في “سيتي إيدج” للتطوير العقاري، إن المرأة تبذل جهدًا كبيرًا في حياتها المهنية في عالم الرجل (أي العقارات) لأنها صناعة صعبة وتتطلب شخصية قوية”.
وأكدت مريم السعود، مديرة التسويق في “لاميرادا”، بعض التحديات الأخرى التي تشمل: “الخوف من الفشل، تحمل المسؤوليات عن أي حدث كبير، والمخاطر التي تأتي مع إدخال مفاهيم جديدة”.
وفيما يتعلق بالعقبات التي تواجه المرأة في سوق العقارات،
قالت غادة شاكر، المدير التنفيذي للعلاقات العامة في “تطوير مصر”: “لقد كانت تجربتي في هذه الصناعة صعبة بشكل لا يصدق في البداية، لأنني كنت مضطرةً إلى بناء قسم العلاقات العامة بالشركة وتصور العلامة التجارية للشركات من البداية”.
وأضافت “معظم هذه التحديات موجودة، ليس فقط في المجتمع، ولكن في معتقداتنا الخاصة، نحن نحصر أنفسنا – في كثير من الحالات – في طريقة تفكيرنا حول الطريقة التي يجب أن نتصرف بها مقارنة بالآخرين”.
وفي ذات السياق، أوضحت ريهام السبكي، مدير التسويق في “كاسيل” للتطوير العقاري، أن التحدي الآخر هو تحقيق التوازن بين الحياة المهنية والشخصية، قائلة “كامرأة، أود أن أقول إن الأمر صعب أحيانًا خاصة عندما تضطر المرأة إلى رعاية أسرة، ويمكن أن يزداد الضغط بشدة في بعض الأحيان”.
ما الذي يعوق المرأة عن التقدم؟
على الرغم من أن المؤسسة المالية الدولية، ذراع البنك الدولي لتمويل القطاع الخاص، ذكرت في مارس 2018، أن الناتج المحلي الإجمالي لمصر قد يرتفع بنسبة 32 % إذا تم تحقيق المساواة بين الجنسين في سوق العمل، فإن المهنيات اللائي تحدثن لـ “إنفستجيت” حول ما إذا كان قطاع العقارات هو صناعة يهيمن عليها الذكور، أكدوا أنه عالم الرجال.
صرحت عبير صلاح، نائب الرئيس للعمليات ونائب الرئيس التنفيذي لشركة “كولدويل بانكر نيو هومز” بأن
“أحد أسباب هذا الاعتقاد السائد هو” قيود التقدم التي تؤدي إلى تقليص الأدوار القيادية للمرأة حيث يتم تعيينها عادةً للقيام بأدوار تنفيذية فقط”.
وقد أكد كلًا من السبكي وفوقية العوضي، مديرة التسويق والاتصالات في مجموعة كاتاليست للتطوير، أن السبب في هذا بشكل أساسي هو تصورات المجتمع المصري بشكل عام، والعالم العربي بأسره في الواقع، الذي لا يزال يخصص أدوار قيادية للرجال فقط.
وفي ذات الوقت، شكل عدد المشروعات النساء وكبار المسؤولين والمديرون 6.4 % من إجمالي السكان في مصر في عامي 2017 و 2018، وفقًا تقرير الفجوة بين الجنسين العالمي.
وتعليقًا على هذه الأرقام، قالت “العوضي” إنه “إذا لم تتقدم النساء، فقد يكون السبب هو أن الرجال أفضل في الدفاع عن أنفسهم، لذلك على النساء أن يتعلمن كيفية الدفاع عن أنفسهن”.
بينما لا تزال مصر بحاجة إلى سد الفجوة بين الجنسين في جميع المجالات، قالت عايدة قابيل، إن العقد الماضي أوضح أن الإناث يواجهن مشاكل أقل بكثير عندما يتعلق الأمر بمناصب قيادية، وذلك تماشياً مع خطة الحكومة لتمكين المرأة وتحقيق عدة مكاسب على المستويين السياسي وصنع القرار.
لماذا يجب تعيين المزيد من النساء؟
في هذه الأيام، هناك عدد متزايد من النساء، اللائي تعلمن تعقيدات العمل في مجال العقارات. ومع ذلك، ما مدى صحة قول: هل تريد إدارة مشروع تجاري ناجح، وتوظيف المزيد من النساء؟
لا ترى معظم المهنيات اللائي تمت مقابلتهن مع “إنفستجيت” اختلافات جوهرية بين الرجال والنساء عندما يتعلق الأمر بالعمل العقاري.
على سبيل المثال، قالت قابيل: “لدى النساء منهج إداري أكثر من الرجال لكونهن أكثر صرامة ويستغرقن الوقت الكافي لتقييم الأمور قبل اتخاذ قرارات العمل الهامة”.
وفي ذات الوقت، أكدت “صلاح”: “لقد أثبتت النساء أنهن رائدات عظيمات. كما تعطي المهارات التنظيمية العالية للمرأة جانبًا مختلفًا تمامًا للقيادة”.
في هذا الصدد، لفتت “السبكي” إلى أن “المهارات القيادية ليس لها حدود بين الجنسين، ونحن نرى اليوم المزيد من الإناث في الوظائف في جميع القطاعات في مصر. أعتقد أننا سنشهد قريبًا أن تصبح الرؤساء التنفيذيات من المعتقدات في مجتمعنا وسوف يدرك الناس أننا يمكن أن نكون منتجين مثل الرجل”.
ولقد حددت الخبيرات عددًا من الخصائص التي تجعل النساء مؤهلات للعمل وهي:
– الإبداع والابتكار هما الأفضل في تقديم وتحديد المواقع لأي منتج جديد، بالإضافة إلى إطلاق طرق ذكية جديدة للوصول إلى العميل المستهدف.
– إن النساء مستمعات نشطة، لأنهم يعرفون كيفية الاستماع وفهم احتياجات الآخرين بوضوح، وهذا يتيح لهم أن يكونوا أكثر انسجامًا مع احتياجات العملاء.
– تتفوق الإناث على الذكور عندما يتعلق الأمر بمهام الذاكرة وتعدد المهام.
– المرأة معروفة بطبيعتها الاجتماعية لأنها تميل إلى أن تكون أكثر اجتماعية مقارنة بالرجال.
– المرأة أكثر فاعلية في إعدادات المجموعة مع قدرتها الطبيعية على التواصل مما يتيح لها رسم صورة للمستقبل بشكل أفضل.
على نطاق أوسع، أكدت شاكر أن الصناعة شهدت تطورًا هائلًا من حيث المبيعات والتواصل التسويقي خلال العشر سنوات الماضية مع دخول المزيد من المهنيات الإناث إلى قطاع العقارات. وأرجعت السبب في ذلك إلى أن قطاع العقارات اعتمد نهج أكثر توجهًا نحو العملاء.
الفرص الذهبية متاحة
مثل أي صناعة أخرى يهيمن عليها الذكور، واجهت النساء العديد من العقبات في سوق الإسكان، ولكن الآن بلا شك يوجد عدد أكبر من الفرص المتاحة لهن.
ووافق كلًا من “السبكي” و”قابيل” على أن القطاع العقاري كان من أكثر الصناعات نجاحًا وتأثيراً في البلاد لبعض الوقت الآن، وسيبقى بالتأكيد كذلك لسنوات مقبلة، بينما قالت “صلاح” إن “العدد الكبير من المشروعات الضخمة كما شهدنا في عصر بناء مصر جديدة، مما يجعل قطاع العقارات أحد المحركات الرئيسية للاقتصاد المصري”.
وتابعت “إنني فخورة بأن أكون جزءً من كل شيء كما لو كنت أشعر أنني أؤثر على الاقتصاد من مكتبي” ، بينما أوضحت “السبكي”: ” كوني جزءً من المشروعات الواعدة التي يجري تطويرها يمنحني شعورًا كبيرًا بالإنجاز و هذا ما يبقيني مستمرة كل يوم، مع العلم أن وجودي في قلب خطط التنمية المستقبلية لبلدنا يجعلني أشعر بالفخر”.
وأشارت العوضي إلى أن اليوم، كونها امرأة، على وجه التحديد، في القطاع العقاري لها مزاياها، خاصة وأن العملاء من النساء يتخذن معظم قرارات شراء المنازل. حيث أظهرت أحدث أرقام لـ “بروبرتي فايندر” أن النساء يمثلن 59% من طالبي العقارات الجدد في عام 2017.
لهذا السبب، ترى المحترفات من النساء أن الشركات تعمل ببطء في توظيف النساء بشكل متزايد في المناصب التنفيذية.
ولاحظت “السعود” أن هناك ميزة أخرى للعمل في مجال العقارات وهي أنه يجعل المرء دائمًا ينتبه إلى الوضع الاقتصادي والسياسي في البلاد.
وعلى نفس المنوال، أضافت “قابيل”: “يمنحني مجال عملي دائمًا الفرصة للعمل مع مجموعة واسعة جدًا من المستهلكين، مما يسمح لي بالبقاء دائمًا على إطلاع دائم بأحدث اتجاهات السوق والتغيرات في سلوك المستهلك والتغيرات الاقتصادية والاجتماعية”.
وبالمثل، قالت العوضي إن العقارات تمنحها امتياز استخدام جميع المعارف والمهارات التسويقية والتجارية ، مع اكتساب المزيد والمزيد من ذلك كل عام.
وصفات النجاح
بالنسبة لجميع الذين نجحوا، لم يكن طريق النجاح سهلاً بل كان مليء بالعقبات. يتعثرون كثيرًا، لكنهم يتعلمون بعد ذلك كيفية الوقوف بشكل مستقيم. لذلك نعطي بعض الوصفات للنجاح من قبل أولئك الذين حققوا الكثير:
– تعلمي.. كوني محدثة، يجب ألا يتوقف الإنسان أبدًا عن التعلم أو الدراسة أو اكتساب المعرفة أو العمل على تنمية نفسه. من السهل أن تحقق نجاح مهني إذا فهمت ديناميكيات أصحاب المصلحة الداخليين والخارجيين. إن فهم عقليات العملاء المستهدفين وتطوير فهم عميق لهم يساعد الشخص على التحدث بنفس اللغة وتلبية طلبات المستهلكين، وفقًا لما قالته عايدة قابيل.
– الحلم الكبير.. العمل الجاد، لا يهم أن تكون أحلامك كبيرة أو صغيرة. المهم حقيقي هو أن تؤمني بطموحاتك بما يكفي والعمل على تحقيقها. لكي تحقق الأهداف الشخصية، يتعين على الإنسان أن يحدد هدفًا ويعمل بنشاط على تحقيقه حتى يتم تقدير الجهود المبذولة. يتطلب النجاح الكثير من العمل الشاق ، وبالتالي ، فإنها توصي بتحديد أولويات الأشياء التي يريدها الفرد واحتياجاته.
– كن ثابتا، ربما يكون الثبات أحد أهم الخصائص التي يمكن للشخص امتلاكها، إنها القدرة على تحديد أهدافك المحددة بغض النظر عن أي انتكاسات، هي المفتاح الذي يفتح كل الأبواب للفرص.
– القضاء على الصور النمطية، تستمر التحيزات اللاشعورية في تشكيل سلوك المجتمع وخياراته بطرق لا ندركها حقًا في بعض الأحيان، لذلك يجب ترك أي من المعتقدات والصور النمطية المقيدة، وثقي في قدراتك، واستفيدي من أي فرصة للتعلم.
– كوني مرنة، هناك عامل آخر للنجاح وهو في المرونة، وهي فهم متى يجب أن يحدث التغيير. لذلك يُنصح بالتكيف مع بيئة العمل وتعديلاتها وفقًا لذلك، ولكن بدون أن تفقد هويتك.
– اصنعي هويتك، أي امرأة تبدأ حياتها المهنية تتطلع دائمًا إلى نموذج يحتذى به. قومي بإنشاء علامتك التجارية الشخصية واحتفظي بها كمحترفة في كل ما تقومي به وأي مهمة أو وظيفة تقومي بها. النجاح هو أن تكوني سعيدًة في وظيفتك، وأن تدرك أن الأمر ليس مهمًا فحسب ، بل يجب أن يكون لديكي حياة متوازنة كاملة.
– ثقي بنفسك وكوني قوية، لقد تغلبت العديد من النساء العظماء في جميع أنحاء العالم على جميع التحديات التي تعوقهن وأصبحن الآن محل احترام الجميع بشكل جيد للغاية وأثبتن أنه لا توجد قيود على ما يستطيعن تحقيقه. وقالت “السبكي”: “دعهم يكونوا قدوة لكم وبالتأكيد سيعزز ثقتنا ويدعم مطالبنا بالمساواة”. إن إظهار الثقة أمر أساسي، خاصة بالنسبة للنساء، لإثبات أن كلا الجنسين موجودان في نفس الصفحة وأن الإناث يستطعن أن يقمن ما يقدمه الذكور.
وختامًا، قالت “صلاح”: “لديكي كل الموارد اللازمة بداخلك، لذلك سوف تتمكني من تحقيق ذلك”.