المعارض العقارية.. بين عكس التنمية العمرانية والاتهام بتشتيت العملاء

المعارض العقارية.. بين عكس التنمية العمرانية والاتهام بتشتيت العملاء

كتبت: إيمان إبراهيم

بعد أن شرعت مصر في إطلاق المشروعات التنموية الكبرى بوتيرة سريعة، وتدشين العديد من المدن الجديدة وعلى رأسها العاصمة الإدارية، شهد سوق الاستثمار العقاري نشاطًا واسعًا، وذلك لأنه يمتاز بالتنوع ووفرة المشروعات. وتبعًا لذلك برز دور المعارض العقارية على رأس وسائل الترويج لتلك المشروعات مؤخرًا، وهو الحدث الذي يضم كبرى شركات التطوير العقاري والمستثمرين والعملاء الباحثين عن وحدات عقارية بصفات معينة.

ولكن مع رواج العملية الشرائية لدى المستهلكين اتجهت العديد من الشركات إلى صناعة تنظيم المعارض العقارية، لذا لاقت رواجًا في الفترة الأخيرة بين شركات التطوير العقاري والمسوقين، وهو ما اعتبره بعض الخبراء تشتيتًا للعميل أفقد المعارض قدرتها على تحقيق المبيعات المستهدفة منها، لتكتفي بدورها التسويقي فقط.

وعلى الرغم من ذلك، أشاد الخبراء بقدرة تلك المعارض على الترويج للمشروعات المتنوعة في تصريحاتهم لـ «إنفستجيت»، مطالبين بأنه من الأفضل أن يتم تنظيم هذه المعارض بواسطة جهة عقارية حكومية؛ حماية للمستثمرين وتقنينًا لها، بجانب أهمية الاتجاه لعقدها في الأقاليم لكونها حلقة وصل بين المطورين والعملاء.

وسيلة للترويج

تنامت مؤخرًا عدة تساؤلات حول ظاهرة عشوائية المعارض العقارية، لأن هناك بعض المعارض التي لم تلقى الإقبال المتوقع ولم تحقق المبيعات المستهدفة، وفي هذا الشأن، صرح أشرف دويدار، المطور العقاري، قائلًا “مش شايف إن ليها لازمة هي بس فرصة للعملاء عشان يشوفوا إيه اللي موجود في السوق”.

واتفق معه بهاء حفظ الله، مدير عام شركة «عقار مصر»، مؤكدًا أن كثرة المعارض العقارية أصبحت تسبب ضررًا أكثر من الاستفادة للمطورين العقارين، فهي لا تنظم من قبل الشركات المتخصصة فقط، ولكن اتجه إليها المسوقين أيضًا، لذا أحدث انتشار المعارض العقارية بتلك الكثرة تشتتًا للعملاء، إذ أصبحت تقام أسبوعيًا في بعض الأحيان منذ نهاية عام 2020.

وفيما يتعلق بمصداقية المشروعات المتداولة بالمعارض، أوضح دويدار أنها تتمتع بالمصداقية فالشركات لا تعرض سوى التسهيلات التي حصلت عليها من البنوك، وبالتالي ما سوف تمنحه للعملاء، ولكن العميل توقف عن الشراء من المعارض إذ يتوجه إليها لمعرفة المتوافر بالسوق فقط باعتبارها وسيلة لجمع المعلومات حول أسعار الوحدة ومميزاتها ومراحل الاستلام للتفضيل بين المعروض، ومن ثم يذهب إلى الوسيط العقاري لعقد الصفقة، لذا تحولت المعارض العقارية كوسيلة للتسويق وليست لتحقيق المبيعات المستهدفة.

وذكر دويدار أن الشركات العقارية أصبحت تنظر للمعارض العقارية كوسيلة ترويجية للمشروعات، وذلك من خلال التواجد في كبرى المعارض التي تجذب المزيد من المستهلكين دون النظر إلى نتيجة المبيعات المحققة من المعرض، لافتًا إلى أنه على الرغم من ذلك “لا أجد ضرورة لتقنين إقامتها”، كاشفًا أن أكبر المعارض العقارية حاليًا هو معرض «سيتي سكيب»، ويتبعه «الأهرام العقاري».

وفي سياق متصل، قالت عبير عصام، عضو مجلس إدارة غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات، إن عام 2022 لم يشهد عقد أي معرض عقاري منظم؛ بسبب عدة عوامل أبرزها؛ الحرب الروسية الأوكرانية، موضحة أن “ما يجرى الآن هو اتفاق مجموعة من شركات التطوير العقاري أو المسوقين على إقامة فعالية لمدة يومًا واحدًا للتسويق لبعض المشروعات، ولا يندرج ذلك أسفل قائمة المعارض العقارية”.

وعلى الجانب الآخر، دعا حفظ الله إلى ضرورة أن تقام المعارض من خلال رخص تمنحها جهة عقارية تتبع الدولة؛ لضمان جدية ومصداقية ما يتداول بتلك المعارض، وسلامة الشركات المنضمة لها من حيث التراخيص والمشروعات، والمراحل التي وصلت إليها المشروعات قبل البيع؛ لحماية المستثمر، مضيفًا “أن ظاهرة انتشار المعارض العقارية سوف تبدأ في التراجع على المدى البعيد إذ سيثبت للعملاء المعارض ذات المصداقية التي تشارك بها كبرى الشركات”، مقترحًا استبدال المعارض الكثيرة المقامة في القاهرة بأخرى في الأقاليم؛ لتستهدف العملاء بهذه المناطق ومعرفة المشروعات المناسبة للمشاركة بتلك المعارض.

انعكاس للرواج العقاري

بالرغم من بعض الانتقادات الموجهة لظاهرة انتشار المعارض العقارية، هناك بعض الخبراء يؤكدن أنها ظاهرة صحية تعبر عن النشاط الحالي بالقطاع العقاري المصري، حيث بين المهندس فتح الله فوزي، رئيس لجنة التشييد بـ «جمعية رجال الأعمال المصريين»، أن الدور التسويقي للمعارض العقارية وكثرتها في الفترة الأخيرة، يعكس مدى الرواج العقاري، خاصةً مع تنفيذ العديد من المشروعات العقارية الكبرى كالعاصمة الإدارية، لذا من الطبيعي جدًا انتشار تلك الظاهرة.

وأكد فوزي أن “هناك نهضة غير مسبوقة في التنمية العمرانية بمصر حاليًا، نتيجة توافر الأراضي للشركات بالتخصيص المباشر وتوفير التمويلات والتسهيلات لها، سواء من خلال المبادرات التي تقودها الحكومة أو البنوك كلاً على حدا، مما تسبب في دخول العديد من الشركات الأجنبية للسوق العقاري المصري إلى جانب شركاتنا الوطنية.

وأضاف أن تنظيم المعارض العقارية أصبح صناعة لبعض الشركات المتخصصة مما يؤدي إلى زيادة فرص العمل والاستثمار، إلى جانب قيام كبرى شركات التطوير العقاري بتنظيم معارض للترويج لمشروعاتها بالاشتراك مع نظرائها، مؤكدًا على إسهامها بدرجة كبيرة في دعم الاستثمار العقاري، وخلق حالة من الازدهار في حركة بيع وشراء الوحدات العقارية، وفي تصدير العقارات للخارج، مع قدرتها على تمكين الشركات العقارية المختلفة من فهم طبيعة السوق واحتياجاته بشكل أدق.

ومن جانبها، أوضحت عضو مجلس إدارة غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات أن هناك معارض عقارية تقام في مصر معترف بها وموثوق بها ومنظمة من قبل الدولة، أبرزها «الأهرام العقاري»، و«الأخبار العقاري»، و«سيتي سكيب».

وبشأن المعارض العقارية التي تقام بالخارج، لفتت عصام إلى أنه لا تشارك بها أي من الشركات المصرية إلا بعد التأكد من تراخيصها ونسب التنفيذ التي وصلت إليها المشروعات المشاركة، حتى يتمكن المطور من بيع وحداته للعملاء خارج مصر، وفيما يتعلق بدور غرفة التطوير العقاري في الاشتراك بالمعارض، أوضحت أنه في حالة تلقي خطابًا من معرض خارج أو داخل مصر لدعوة الغرفة وشركاتها، تبحث الغرفة أولًا عن جهة التنظيم للتأكد وضمان المصداقية، ثم ترسل إلى أعضائها للمشاركة بالمعرض أو عدم الاشتراك.

وختامًا، تبقى ظاهرة انتشار المعارض العقارية بين التأييد والرفض من قبل الخبراء، ولكن لا يوجد خلاف على دورها في إثراء العملية البيعية للسوق العقاري سواء بالتسويق فقط أو تسجيل المبيعات، علاوةً على ذلك، شدد الخبراء العقاريين على ضرورة تقنين إقامة المعارض بجانب التوجه إلى الأقاليم من أجل جذب العملاء الجدد.

تسجيل الدخول

Welcome! Login in to your account

تذكرني فقدت كلمة المرور؟

لا تملك حساب Register

فقدت كلمة السر

Register