في ظل التحديات الراهنة التي يواجهها القطاع العقاري خلال الفترة الحالية، من ارتفاع معدل التضخم، وزيادة أسعار مواد البناء، وسعر الفائدة، وغيرها، الأمر الذي يستدعي تكاتف جميع الأطراف العاملة بالقطاع العقاري لتخطي تلك الأزمات.

ومن هنا يأتي دورالوسيط العقاري الذي لا يقل أهمية عن غيره من الصناعات الأخرى التي تدعم القطاع العقاري، وذلك في ظل الأهمية الكبرى التي يحتلها هذا القطاع الحيوي بالنسبة للاقتصاد القومي. لذلك، تحدثت «إنفستجيت» مع الخبراء العقاريين لتسليط الضوء على دور الوسيط العقاري للتغلب على كافة التحديات التي يواجهها القطاع حاليًا.

الوسيط أساس الصفقة العقارية

شهد السوق العقاري مؤخرًا تراجع القوة الشرائية بعض الشيء. لذلك، من المؤكد أن وجود الوسيط العقاري «البروكر» يسهم بشدة في تسهيل عمليات البيع والشراء، وجعلها أكثر مرونة، بل أنه يمكن القول إن وجود الوسيط العقاري أصبح أمرًا حتميًا في صفقات شراء وبيع العقارات، فمعرفة الوسيط العقاري بالعقارات المتداولة في السوق وأوضاعها الخاصة، هي أهم ما يبحث عنه الفرد دائمًا لبناء خطة ناجحة للحصول على هدفه العقاري.

وأظهر التقرير السنوي لـ «عقارماب» الصادر في أكتوبر 2022، أن عمولات شركات التسويق العقاري للوحدات الإدارية في العاصمة الإدارية الجديدة قد وصلت إلى 9%، لتحقق أعلى عمولة داخل مصر وذلك طبقًا لتحليل السوق العقارية المصرية، ورصد توجهاته وتفضيلات العملاء.

وفيما يتعلق بالمشكلات التي تواجه الوسطاء العقاريين الآن، أوضح المهندس محمد حبارير، المدير التنفيذي لشركة «smart location group» للوساطة العقارية، أن هناك مشكلة في التسعير بالنسبة للمطورين، وذلك بسبب ارتفاع سعر الدولار وزيادة في أسعار مواد البناء، ومن هنا لا يتمكن المطور من اتخاذ القرارات بشكل سليم؛ هل يستكمل في البيع أم أن هناك زيادة في الأسعار الفترة المقبلة.

وأضاف أن الوسيط العقاري الجيد هو من يهتم بالعميل بحيث لا يقع في أي مشكلة خلال الفترة المقبلة مع المطور، وذلك يتم من خلال شراء الوحدات الجاهزة لأن تسعيرها سهل، على عكس الوحدات تحت الإنشاء، حتى لا يقع العميل تحت وطأة تذبذب الأسعار وتغيرها بشكل متوالي.

خطط شركات الوساطة العقارية

تسعى شركات الوساطة العقارية حاليًا إلى وضع استراتيجيات وحلول عاجلة تتناسب مع تحديات الفترة المقبلة، وبدورها تعمل شركات الوساطة العقارية على بذل المزيد من الجهود لتسهيل حركة البيع والشراء وجذب المستثمرين، لتنشيط السوق العقاري.

وفي هذا الصدد، أكد حبارير أن الوسطاء العقاريون «البروكرز» يعدون من أكثر العوامل المؤثرة في المنظومة العقارية، مشددًا على ضرورة تدريبهم وتأهيلهم للتعامل مع متطلبات السوق العقارية، وتثقيف وتوعية القائمين على النشاط، وألا يكون هدفهم مجرد التربح فقط، بل التعاون مع المطورين العقاريين للخروج من هذه الأزمة.

ونوه إلى أن شركته تقوم بتقديم دورات تدريبية لموظفيها، من أجل نشر المعرفة والتوعية بتحديات الفترة الحالية، وكيفية إيجاد آليات مبتكرة لمواجهتها، وذلك من خلال متخصصين مختارين بعناية فائقة، مما يؤهلهم للعمل في القطاع العقاري بشكل صحيح.

وفي نفس السياق، شدد المهندس علاء فكري، عضو شعبة الاستثمار العقاري باتحاد الغرف التجارية، على مدى أهمية نشر المعرفة المبنية على أسس علمية للمشاركين في القطاع العقاري، لزيادة معدل الشفافية والثقة في السوق المصري؛ ليصبح أكثر جاذبية وقدرة على منافسة الأسواق بالمنطقة.

وأفاد فكري بأنه يجب أن تكون رحلة المشترين للعقارات آمنة، من حيث جودة العقار والقيمة، والوسيط العقاري المحترف يعتبر ضمن أهم قنوات البيع، ولديه دور هام في صناعة العقار، لذلك لا بد أن تعمل شركات الوساطة العقارية على تطوير برامج تدريبة احترافية، تساعد الوسطاء على تحسين الأداء، وتحقيق صفقات ناجحة بأسرع وقت وأقل مجهود.

جهود الدولة

ووافق مجلس الوزراء، في ديسمبر 2021، على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم أعمال الوكالة التجارية، وبعض أعمال الوساطة التجارية والعقارية، الصادر بالقانون رقم 120 لسنة 1982؛ لمواجهة التوسع الحاصل في نشاط الوساطة العقارية، باستحداث قواعد جديدة، ونصوص تنظم نشاط الوسطاء العقاريين، بما يتفق مع المعايير الدولية التي تستلزمها توصيات مجموعة العمل المالي.

وأشار حبارير إلى أن قانون الوساطة العقارية هو خطوة على الطريق السليم لتنظيم السوق العقاري والقضاء على العشوائية، مؤكدًا على ضرورة تفعيله على الجميع وبشكل أسرع، للحد من التحديات التي تواجه القطاع العقاري، حيث سيسهم ذلك في جذب المستثمرين وتحسن الأوضاع الاقتصادية بشكل كبير.

وبالتالي، نجد أن الوسيط العقاري هو الانعكاس للقطاع بأكمله، فأول ما يبحث عنه المستثمر الأجنبي هو الوسيط؛ الذي يعد أول بوابة يجب أن يعبر منها لامتلاك العقار، وله دورًا قويًا في تكوين انطباع إيجابي لدى المستثمرين، ما يشجع على ضخ مزيد من الاستثمارات في القطاع العقاري، ويروج بشكل جيد، ويصنع قيمة مضافة إلى الاقتصاد المصري، مما يسهم في مواجهة التحديات الحالية، والوصول إلى بر الأمان.