ترجمة: عمرو حسني
سجل سوق العقارات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تغيرات كبيرة في السنوات القليلة الماضية، وذلك بفضل التكامل الأوسع للتكنولوجيا في مختلف القطاعات الاقتصادية في المنطقة.
وأثر ظهور مصطلح «بروب تيك»، الذي يقصد به استخدام التكنولوجيا في صناعة العقارات، بشكل إيجابي على شراء وبيع وتأجير وإدارة العقارات في المنطقة.
وذكر تقرير صادر عن « ماجنيت» أنه تم تخصيص تمويل قيمته 128 مليون دولار لصناعة تكنولوجيا «بروتيك» في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في عام 2021.
ويعود نمو تكنولوجيا «بروب تيك» في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى عوامل مختلفة؛ منها وجود نسبة كبيرة من الشباب في هذه الدول البارعين في استخدام التكنولوجيا، خاصة أن أكثر من 60% من السكان تقل أعمارهم عن 30 عام يعملون على استخدام الحلول المبتكرة القائمة على التكنولوجيا.
علاوةً على ذلك، تعد الأسواق في منطقة الشرق الأوسط حديثة نسبيًا في مجال استخدام التكنولوجيا مقارنة بالمناطق الأخرى التي تشهد تطورات سريعة، مما يجعل هذه المنطقة سوق واعدة لتكنولوجيا «بروب تيك» خلال الفترة المقبلة.
وأشار تقرير صادر عن « رياليست»، إلى أن قطاع تكنولوجيا «بروب تيك» في المنطقة لديه إمكانات متطورة وسط توقعات بأن يتوسع سوق العقارات في الشرق الأوسط بنسبة تصل إلى 111% على مدى السنوات الـ 5 المقبلة مع التأكيد أن التطور التقني سيكون المحرك الرئيسي لهذا النمو المتوقع.
وذكر التقرير أنه من المتوقع أن تعمل عدة تقنيات عقارية الفترة المقبلة على إعادة تشكيل سوق العقارات في المنطقة في السنوات المقبلة، ويشمل هذا تقنيات الواقع الافتراضي والميتافيرس والذكاء الإصطناعي (AI) وحلول الخدمة الذاتية مثل Airbnb ، والتي تتمتع بإمكانيات كبيرة في المنطقة حيث يطلب المستهلكون الجدد خدمات أكثر انسيابية.
وعلى الرغم من ذلك، أضاف التقرير إلى أن الافتقار إلى قواعد بيانات موثوقة للشركات العقارية، والمعاملات، والتوقعات المستقبلية يعد أحد التحديات التي تواجه قطاع تكنولوجيا الـ «بروب تيك» في المنطقة.
ويمكن النظر في مثالين لأسواق رئيسية في المنطقة وهما السوق السعودي والسوق المصري اللذان يشهدان ثورة العمران والرقمنة.
القدرات المصرية
استحوذت مصر على 11% من إجمالي التمويل الخاص تكنولوجيا «بروب تيك» في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وبالنظر إلى حجم السوق المصري، يعد هذا مؤشر على تطور قطاع العقارات في البلاد.
وتعمل مصر، وهي أكثر دولة عربية بها سكان، على تنفيذ خطتها الاستراتيجية للتنمية الحضرية 2052، التي تهدف إلى إطلاق مشروعات توسعة ضخمة للطرق وبناء 14 مدينة جديدة لاستيعاب الزيادة السكانية وتخفيف الضغط على المناطق المكتظة بالسكان.
وسيتم إنشاء مدن جديدة في القاهرة والجيزة والدقهلية والبحيرة وبورسعيد ومطروح وشمال سيناء وبني سويف والمنيا وأسيوط وقنا والأقصر وأسوان. ومن بين المدن الجديدة في القاهرة العاصمة الإدارية الجديدة التي تمتد على مساحة 170,000 فدان.
وتخطط مصر لتكون العاصمة الإدارية فيها ضمن أكبر المدن الذكية في العالم، وسيتم إدارة العاصمة عبر مركز عمليات المدينة الذكية لتحقيق الاستدامة، وسيتم العمل عبر تطبيقات تقوم على إنترنت الأشياء من خلال الاعتماد على استخدام الخوارزميات ووالذكاء الاصطناعي لزيادة الكفاءة وتقليل النفايات.
وستتضمن طرق العاصمة الجديدة أجهزة استشعار لمراقبة أنماط حركة المرور وضبط الأضواء. وسيتم استخدام شبكة المياه الأنابيب الذكية لاكتشاف التسربات قبل أن تتسبب في أضرار جسيمة.
وقال الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، إن مصر استثمرت 50 مليار جنيه في مشروعات التحول الرقمي، فضلًا عن أنها تهدف إلى زيادة صادرات قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
وفي يوليو 2022، افتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي منصة مصر الرقمية، وهي منصة تقدم خدمات حكومية رقمية للمواطنين.
المملكة العربية السعودية
تهدف السعودية، أكبر اقتصاد في العالم العربي، لقيادة هذا التحول عبر خطط لاستثمار أكثر من 6.4 مليار دولار في التقنيات المستقبلية وريادة الأعمال، وهذا سيزيد مكانة التقنية العقارية المحدثة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وتخطط المملكة لبناء 8 مدن عملاقة جديدة حتى عام 2030، منها نيوم والقدية ومشروع البحر الأحمر وأمالا والعلا وبوابة الدرعية، وغيرها، باستثمارات تقترب من 575 مليار دولار، وسوف يسهم ذلك في تطوير 1.3 مليون وحدة سكنية.
وتشهد المدن القائمة تغييرات مهمة، منها إضافة 100,000 وحدة جديدة في الرياض بحلول نهاية عام 2023.
ومع ظهور الرقمنة في جميع القطاعات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أصبح هناك تنوع في اتجاهات تكنولوجيا الـ «بروب تيك» في الشرق الأوسط، وسنلقى نظرة عليها.
اتجاهات «بروب تيك» في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
تقنية عرض الوحدات الافتراضي
يزداد استخدام تقنية الواقع الافتراضي في صناعة العقارات لتقديم عروض افتراضية للوحدات، وهذا يعطي فرصة للمشترين والمستأجرين المتوقعين مشاهدة العقارات عن بعد توفيرًا للوقت والجهد. وهذا ما تطبقه شركة «بروبرتي فايندر» في الإمارات، حيث تعمل على استخدام تكنولوجيا الواقع الافتراضي لتقديم جولات عقارية افتراضية بزاوية 360 درجة.
تقنية المنزل الذكي
ستعمل تقنية المنزل الذكي على تغير سوق العقارات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، خاصة في ظل ظهور إنترنت الأشياء، لأن هذا يتيح لأصحاب المنازل التحكم عن بعد ومراقبة منازلهم عبر هواتفهم الذكية بسهولة.
كما تسمح هذه التقنية لأصحاب المنازل التحكم في كل شيء عن بعد من درجة حرارة المنزل وأنظمة الأمان لتصبح بذلك المنازل أكثر أمانًا وكفاءة في استخدام الطاقة.
برامج إدارة الممتلكات
الجانب التكنولوجي الآخر الذي ظهر عبر «بروب تيك» هو برامج إدارة الممتلكات، التي تساعد الملاك ومديري العقارات على إدارة ممتلكاتهم بشكل أكثر كفاءة، من فحص المستأجر إلى تحصيل الإيجار.
مساحات عمل مشتركة
مساحات العمل المشتركة هي اتجاه آخر يكتسب شعبية مؤخرًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث توفر هذه المساحات مساحات مكتبية مرنة لأصحاب المشروعات وأصحاب الأعمال الحرة والشركات الصغيرة.
وتعمل شركات التكنولوجية الناشئة «بروب تيك» مثل شركة «ليتس ورك» بدبي، على تسهيل العثور على أماكن عمل مشتركة وحجزها في المنطقة.
وتلخيصًا لما سبق
- أحدثت تقنية «بروب تيك» ثورة في سوق العقارات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
- يقوم اللاعبون الرئيسيون في المنطقة، مثل مصر والمملكة العربية السعودية، بتنفيذ التطوير والرقمنة في خطط التنمية الحضرية الخاصة بهم.
- تتنوع اتجاهات «بروب تيك» لتشمل عروض العقارات الافتراضية، وتكنولوجيا المنزل الذكي، وبرامج إدارة الممتلكات، ومساحات العمل المشتركة، وهذا سيعمل على تغيير سوق العقارات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
- على الرغم من التحديات التي تواجه قطاع تكنولوجيا المعلومات في المنطقة، مثل الافتقار إلى قواعد بيانات عقارية موثوقة، تتمتع أسواق العقارات الإقليمية بإمكانيات كبيرة، ومن المتوقع أن تتوسع بشكل كبير في السنوات المقبلة، مدفوعة بالتكنولوجيا.