تسعى الدولة المصرية، في الفترة الأخيرة، إلى دعم ملف تصدير العقار من خلال إقرار المزيد من التيسيرات للمشتري الأجنبي لتملك عقار في مصر، مستندة على التنمية العمرانية غير المسبوقة التي تشهدها الدولة حاليًا من خلال بناء المدن الجديدة ومدن الجيل الرابع، وعلى رأسها العاصمة الإدارية الجديدة.

واتخذت الحكومة مؤخرًا عدة قرارات من شأنها تسهيل إجراءات الشراء للمشتري الأجنبي. وفي هذا التقرير، تسلط «إنفستجيت» الضوء على ما تم إنجازه في ملف تصدير العقار خلال النصف الأول من 2023، وماهي التحديات التي تواجه هذا الأمر في مصر، وما الذي تحتاجه مصر لإنجاح تصدير العقار.

تيسيرات حكومية

أتاحت الدولة الجنسية المصرية لمشتري العقارات أو من يدع في البنك المصري مليون دولار وديعة شريطة أن يسترد المبلغ بالجنيه المصري، حيث تتيح مصر منح الجنسية مقابل 250,000 دولار أو شراء عقار بـ 300,000 دولار بحسب قرار أصدرته الحكومة، في مارس 2023، قضى بتعديل الشروط والإجراءات المالية لمنح الجنسية المصرية للمستثمرين الأجانب. فضلًا عن أن تملك الأجنبي لعقار في مصر يوفر له الإقامة من 3 إلى 6 سنوات مجانًا.

وفي مايو 2023، أعلن الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، أن الدولة المصرية كانت تحدد امتلاك عقارين فقط لأي مشتري أجنبي، ويشترط أن يكون في محافظتين مختلفتين، ولكن هناك تعديل تم ليصبح العدد غير محدد، لذا فإن المشتري الأجنبي يمكن أن يشتري أي عدد من العقارات. وجاء هذا التعديل من أجل زيادة المرونة في تصدير العقارات في ظل رغبة من الحكومة لجذب الاستثمارات الأجنبية من مختلف دول العالم.

بدوره، قال السفير نادر سعد، المتحدث باسم مجلس الوزراء، إن القرارات الصادرة عن المجلس الأعلى للاستثمار، في مايو 2023، تتضمن تسهيل تملك الأجانب للعقارات، موضحًا أن الأجانب كانوا يواجهون مشكلات في تملك العقارات؛ بسبب تحديد القانون لتملكهم عقارين فقط كحد أقصى. وتابع: “هذا الوضع السابق لا معنى له في ظل امتلاكنا لثروة عقارية جيدة”، مؤكدًا أن “الدولة تسعى إلى تصدير العقار للحصول على حصيلة دولارية”.

وأشار سعد إلى إصدار المجلس توجيهًا للبنوك من أجل التعامل مع الأجنبي الذي بصدد تأسيس شركة، وفتح حساب له دون انتظار موضوع الإقامة سواء للشركة أو الفرد، متابعًا: “نتوجه فورًا لمجلس النواب، ونأمل أن يتبنى تلك التعديلات لزيادة حجم الاستثمارات في مصر”.

المطورون والمعارض الخارجية

شهدت نسخة العام الحالي من معرض «MIPIM 2023» مشاركة عددًا من كبار المطورين العقاريين في مصر، ومنها شركة «العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية»، و«تطوير مصر»، و«ماونتن فيو»، و«LMD»، و«جي في» للاستثمار، و«cred»، و«مصر إيطاليا العقارية» و«النيل» للتطوير العقاري. وتأتي هذه المشاركة تأكيدًا على حرص الشركات العقارية على التواجد بكبرى المعارض العالمية، لتقديم نموذجًا متميزًا لما شهده القطاع العقاري المصري من تطورات خلال السنوات الماضية، بفضل جهود الدولة في إقامة المدن الجديدة ومدن الجيل الرابع، فضلًا عن إجراءات تحسين مناخ الاستثمار في مصر، مما سيسهم في إنجاح ملف تصدير العقار المصري.

علاوةً على ذلك، نظمت شركة «إنفينيتي فينكس» معرض«THE ICON SHOW»  في  مدينة الدمام بالمملكة العربية السعودية، في فبراير 2023، برعاية وزارة الإسكان مصر من أجل العمل على الترويج للعقارات المصري في الخارج للعمل على تصديره للحصول على عملة صعبة وسط استهداف من الشركة لتحقيق مبيعات بـ 500 مليون جنيه خلال المعرض.

من جانبه، قال محمد الصعيدي، الرئيس التنفيذي لشركة «إنفينيتي فينكس»، إن هذه الفترة تعد فرصة ذهبية لتصدير العقار المصري، كاشفًا أن الشركة هدفها في عام 2023 إقامة 3 معارض جديدة في دول الخليج.

مقترحات لتصدير العقار

وفيما يتعلق بأبرز المقترحات لنجاح مصرفي تصدير العقار، قال المهندس فتح الله فوزي، نائب رئيس مجلس إدارة «جمعية رجال الأعمال المصريين»، ورئيس لجنة التطوير العقاري والمقاولات، لـ «إنفستجيت»، إن الدولة عليها إيجاد مؤسسة أو هيئة مختصة بالعقار فقط تعمل على تسليم الشخص الوحدة والتراخيص وكل شيء لأن هذا سيوفر الوقت والجهد على المستثمر، مؤكدًا أن هذا ما تطبقه دول الخليج التي أصبحت وجهة للراغبين في الحصول على عقارات وعلى رأسهم إمارة دبي في دولة الإمارات العربية المتحدة.

وأوضح فوزري أن عدد كبير من العرب يرغبون في شراء عقارات في مصر، ولكنهم يخشون البيروقراطية، خاصة مع عدم وجود جهة مختصة بالعقارات في مصر، لأن هذا النظام المتبع عندهم ويحقق لهم عائد وأرباح منتظمة، في ظل إدارة لقطاع العقارات رشيدة تلبي رغبات المستثمرين والمشترين والمطوريين العقاريين أيضًا.

وواصل فوزي: “أكثر جنسيات عربية تريد التملك في مصر هم السورييون المتواجدين في مصر لأن هذا يسهل عليهم الحصول على الجنسية المصرية والإقامة وكذلك العراقيين بجانب السودانيين خاصة بعد الأزمة السياسية الأخيرة في بلادهم منذ منتصف إبريل الماضي”.

وفي سياق متصل، أوضح حسن إبراهيم، الخبير العقاري، في تصريح لـ «إنفستجيت»، إن تصدير العقار المصري لمختلف الدول أمر جيد، لكن هذا يحتاج تنظيم دقيق، لمساعدة المواطن الخليجي، الذي يعد أكثر مواطن راغب ولديه قدرة شرائية للشراء في مصر. ولفت إلى أن مصر تمتلك العديد من المدن الجديدة ومدن الجيل الرابع، حيث أن هذا التنوع في العقارات يضيف لها ميزة تنافسية لا تتوافر في دول الخليج. وواصل: “هناك جنسيات عربية أخرى مثل العراقيين والسوريين والفلسطينين والسودانيين مستقرين في مصر، ويبحثون عن التملك في مصر لتسهيل أمور الإقامة والحياة ولأنهم أصبحوا مقيمين بشكل دائم”.

ولفت إبراهيم إلى أن بعض الشركات العقارية المصرية الكبرى افتتحت مقارات لها في دول مجلس التعاون الخليجي الست (الكويت – السعودية – البحرين – الإمارات – عمان – قطر) من أجل التسويق للعقارات المصرية، لكي يتم إخبار المستثمر الخليجي بتفاصيل تصدير العقار عن قريب، حتى يكون ذو ثقة أكثر ودون أي تكلفة عليه.

مصر وخريطة تصدير العقار العالمية

تصدر عدة دول أوروبية وآسيوية العقارات الخاصة بها مثل روسيا وتركيا ودبي، وشهدت تركيا بيع 16,312 عقارا للروس في عام 2022 بعد الأزمة الروسية الأوكرانية، بحسب هيئة الإحصاء التركية.

وأصبحت دبي أيضًا ملاذًا آمنًا للراغبين في البحث عن عقار في مناطق مستقرة حيث سجلت دبي في عام 2022 أكثر من 86,000 صفقة بيع بقيمة 56.6 مليار دولار، وتتيح دبي 3 أنواع من تملك العقارات منها التملك الحر والملكية المشتركة وحق الانتفاع.

وفيما يتعلق بمصر، فهي تستطيع أن تلعب دورًا هامًا في تصدير العقار خاصة في ظل الوفرة العقارية وتنوع المنتجات العقارية وتقديم المزيد من التيسيرات للشراء. أوضحت غرفة التطوير العقاري، في بيان رسمي لها، أن مصر بها نحو 12 مليون مغترب ويوجد نحو 500,000 شخصًا منهم لديه قدرة مالية على شراء وحدة سكنية قد تكون قيمتها 5 مليون جنيه، وسط مطالب باستهداف الصينيين لأنهم أكثر الجنسيات التي تبحث عن عقارات خارج بلادها في ظل زيادة حجم الطبقة المتوسطة في البلاد.

وأكدت غرفة التطوير العقاري أن موقع مصر المتميز بين قارات إفريقيا وأوروبا وآسيا يجعل تصدير العقارات أمر جيد ومطلوب، خاصة أن التغيرات الحادثة في سعر الدولار تتيح التملك السهل للعقارات في مصر.