جهود مصر لإزالة الكربون والعقارات الخضراء

جهود مصر لإزالة الكربون والعقارات الخضراء

بالتزامن مع «COP27»، لم يعد الموعد النهائي للأمم المتحدة لتحقيق صافي الانبعاثات الصفري بعيدًا، بل أصبح أولوية قصوى تلوح في الأفق. وفي الوقت نفسه، أدى الوباء الأخير والتوترات الجيوسياسية إلى تفاقم الحاجة المناخية وأزمة الطاقة، وهو ما ساهم في إعادة صياغة المشهد لتحول نموذجي في جميع القطاعات، وعلى رأسهم قطاع العقارات.

نظرًا لأن البيئة المبنية تتسبب فيما يقرب من 40% من انبعاثات الكربون العالمية، فإن العقارات الخضراء هي الوسيلة التي لا لبس فيها للتخفيف من أزمة تغير المناخ، بل إنها أولوية رئيسية للاستثمارات المستقبلية.

قامت شركة «جي إل إل»، بالتعاون مع المنتدى الاقتصادي العالمي، بإنشاء 10 مبادئ للمباني الخضراء لإرشاد وتوجيه المالكين والمستثمرين خلال هذا التحول وقياس التقدم المعياري، وهو ما يساعدهم على خفض انبعاثاتهم بنسبة 50% بحلول عام 2030 على أن يصبح صافي الانبعاثات الصفري في موعد أقصاه 2050.

وباتباع هذه الخطوات البسيطة، بداية من تحديد بصمات الكربون للأصول حتى تحديد أهداف الإيجار الأخضر، يمكن للشركات والمستثمرين إنشاء خارطة طريق خاصة بهم لتحقيق صافي الانبعاثات الصفري.

إن عملية تحويل المباني البنية إلى المباني الخضراء تقدم للمالكين فرصة فريدة ومثمرة لمعالجة تحسين الطاقة واستكشاف مصادر الطاقة المتجددة داخل وخارج الموقع، بالإضافة إلى جذب السوق المتنامي للمستثمرين المهتمين بالبيئة، إلى جانب تشجيع الآخرين لكي يحذو حذوهم.

على الرغم من الاضطرابات العالمية الجارية، والتي من المتوقع أن تستمر، يجب على كل من مالكي العقارات والمطورين والمقيمين اغتنام الفرصة لإعادة التوازن إلى محافظهم العقارية، بداية من تشييد المباني الجديدة وصولًا إلى تعديل العقارات القديمة، إن المباني الخضراء توفر فرصًا كبيرة ليس فقط لتسريع الاستدامة، ولكن لتعزيز التجديد والمرونة أيضًا.

«COP27» وإزالة الكربون

على هامش «COP27»، حددت البلدان التي تمثل أكثر من 50% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي “إجراءات ذات أولوية” لقطاع محدد لإزالة الكربون من الطاقة والنقل والصلب، وزيادة إنتاج الهيدروجين منخفض الانبعاثات، وتسريع التحول إلى الزراعة المستدامة من قبل «COP28». وتم تصميم هذه الإجراءات لخفض تكاليف الطاقة وتقليل الانبعاثات بسرعة وتعزيز الأمن الغذائي لمليارات الأشخاص في جميع أنحاء العالم.

وسيتم تنفيذ الإجراءات في إطار كل اختراق من خلال تحالفات الدول الملتزمة – من مجموعة الدول الصناعية السبع، والمفوضية الأوروبية، والهند، ومصر، والمغرب وغيرها، بدعم من المنظمات والمبادرات الدولية الرائدة، وتقودها مجموعة أساسية من الحكومات الرائدة. وسيتم تعزيز هذه الجهود بتمويل خاص ومبادرات صناعية رائدة، كما يتم تشجيع المزيد من البلدان على الانضمام.

تشمل “الإجراءات ذات الأولوية” الاتفاقيات من أجل:

1- وضع تعريفات مشتركة للصلب منخفض الانبعاثات والقريب من صفر انبعاثات والهيدروجين والبطاريات المستدامة للمساعدة في توجيه مليارات الجنيهات في الاستثمار والمشتريات والتجارة من أجل ضمان المصداقية والشفافية.

2- استخدام مليارات الجنيهات من المشتريات الخاصة والعامة والبنية التحتية لتحفيز الطلب العالمي على السلع الصناعية الخضراء.

ويأتي ذلك ضمن إعلانات أجندة الاختراق الخاصة بـ «COP27» والتي تعتمد على الالتزام على مستوى القادة في «COP26» من قبل 45 دولة للعمل معًا لجعل التقنيات النظيفة والحلول المستدامة الخيار الأكثر كفاءة وجاذبية، وسهولة الوصول إليه في كل من القطاعات كثيفة الانبعاثات في الاقتصاد العالمي، قبل نهاية العقد الحالي.

يتم دعم وتسريع هذه “الإجراءات ذات الأولوية” من خلال مجموعة من التطورات عبر الصناعة والمبادرات الحكومية، بالإضافة إلى الإعلانات الرئيسية التي تمت خلال فعاليات «COP27». وتشمل:

1- حزمة من الإعلانات المالية الجديدة للتحولات الصناعية: إطلاق برنامج التحول الصناعي الجديد الخاص بصناديق الاستثمار في المناخ «CIFs»، وهو أول برنامج تمويل واسع النطاق مخصص في العالم لتحولات الصناعة في البلدان النامية، كما سيتم استثمار 410 مليون دولار في الهيدروجين الأخضر في مصر بقيادة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، ويخطط البنك الدولي لتطوير برنامج عالمي للهيدروجين الأخضر بقيمة 1.6 مليار دولار.

2 – أطلقت مجموعة «Africa Net-Zero Concrete»، ووضعت مصر أول خارطة طريق وطنية للخرسانة منخفضة الانبعاثات.

تعتمد هذه التطورات على التقدم الكبير على مدار العام، حيث من المتوقع أن تتفوق الاستثمارات في مشروعات طاقة الرياح والطاقة الشمسية على النفط والغاز لأول مرة على الإطلاق، في حين تسارع تنفيذ الجيل التالي من مرافق الانبعاثات المنخفضة، مع التخطيط لأكثر من 100 مشروع أسمنت منخفض الانبعاثات وملايين الأطنان من مصانع إنتاج الصلب ذات صفر انبعاثات تقترب الآن من قرار الاستثمار المالي.

تعمل أكثر من 50 دولة على تطوير استراتيجيات الهيدروجين، تستهدف مجتمعة سعة 74 جيجاوات، في حين تم تخصيص أكثر من 4 مليارات دولار للابتكار الزراعي من أجل المناخ، من قبل بعثة الابتكار الزراعي للمناخ.

وقال محمود محي الدين، رائد المناخ للرئاسة المصرية لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية للتغير المناخي، إن “«COP27» هو للتنفيذ. ويسعدني أن أرى البلدان تجتمع اليوم معًا لكي تتحول من مجرد التعهدات إلى العمل الملموس، وذلك عبر التعاون من خلال “الإجراءات ذات الأولوية” في إطار جدول الأعمال الاختراق. وهذا يمثل خطة دولية ملموسة لإزالة الكربون من القطاعات عالية الانبعاثات بحلول عام 2030 ومساعدة البلدان النامية على اغتنام فرصة النمو والتنمية منخفضة الكربون والمقاومة للمناخ “.

الأسمنت الأخضر في مصر

وفي مصر، لقد بدأت الدولة في تبني مفهوم الأسمنت “الأخضر”، وذلك لأن مواد البناء شديدة التلوث وتعد من بين أكبر العوامل المسببة لانبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في مصر، حيث تحتل صناعة الأسمنت المرتبة الأولى في الملوثات.

تقدم «السويس للأسمنت» الأسمنت المخلوط منخفض الانبعاثات (PZZ)، بينما تقدم «لافارج مصر» أسمنت (PZZ) وأسمنت (EcoLabel) منخفض الانبعاثات. وتستخدم السويس للأسمنت الأسمنت البوزولاني والحجر الجيري (المخلوط) منخفض الانبعاثات. وتعتبر شركة «السويس للأسمنت» و«لافارج» من الشركات الكبيرة في السوق، لذا فإن استخدامهما للأسمنت منخفض الانبعاثات يعد خطوة هامة. ويمثل منتج Hydrocem Plus EcoLabel ومنتج Hydrocem EcoLabel من «لافارج» أكبر مجموعة في الصناعة من الأسمنت الأخضر الذي يحقق الكفاءة العالية والاستدامة وتطبيق إعادة التدوير. ومن خلال طرح هذا الأسمنت الأخضر، تعمل الشركة على تسريع التحول إلى مواد بناء أكثر استدامة لبناء أكثر اخضرارًا.

العقارات الخضراء في مصر

تتبع مصر خطوات الاقتصادات العالمية الأخرى في الجهود المبذولة للحد من تأثير القطاع العقاري على تغير المناخ. ويوجد في مصر حاليًا 23 مبنى حاصل على شهادة «LEED» الريادة في مجال الطاقة والتصميم البيئي. وسوف يلعب البحث والتطوير وتقنيات العقارات دورًا هامًا في المساعدة على تقليل الانبعاثات من البيئة المبنية من أجل تحقيق صافي الانبعاثات الصفري.

وبالتالي، سيكون قطاع التشييد في مقدمة ثورة المباني الخضراء، حيث تشير شركة «أكسفورد إيكونوميكس» للتنبؤات والبيانات إلى أن ناتج قطاع البناء العالمي قد يصل إلى 15.2 تريليون دولار بحلول عام 2030، بزيادة 42% مقارنة بعام 2020. وتقدر «منظمة التمويل الدولية» أن المباني الخضراء تمثل فرصة استثمارية بقيمة 24.7 تريليون دولار بحلول عام 2030 في مدن الأسواق الناشئة.

اتخذت الحكومة المصرية عدة إجراءات اقتصادية وبيئية لعبت دورًا رئيسيًا في تحفيز الاستثمارات، حيث استثمرت نحو 324 مليار دولار لتحقيق مبادرات التنمية المستدامة لتقليل الانبعاثات وتطوير البنية التحتية. وقد اتبعت الدولة هذا النهج في كافة المدن الجديدة، سواء التي تم إنشائها خلال الفترة الأخيرة، أو المدن التي تم تنفيذها منذ عقود من خلال عمليات الإحلال والتجديد التي تضمن تنفيذ هذا النهج الجديد.

تسجيل الدخول

Welcome! Login in to your account

تذكرني فقدت كلمة المرور؟

لا تملك حساب Register

فقدت كلمة السر

Register