في ظل التحديات الحالية التي تواجه القطاع العقاري في مصر؛ يراهن الجميع على «التمويل العقاري» كحل أمثل لتخفيف ومواجهة تلك التحديات، والتي تتمثل في انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار، وزيادة أسعار مواد البناء، بالإضافة إلى ارتفاع سعر الفائدة، مما دفع المطورون إلى العمل على إعادة هيكلة خططهم، ودراسة كافة آليات التمويل المتاحة، لتعزيز ملاءتهم المالية بل وقدرتهم على استكمال مشروعاتهم.
وشهد نشاط التمويل العقاري أداءً ملحوظًا خلال عام 2022، حيث منحت شركات التمويل العقاري 13.4 مليار جنيه لعملائها خلال عام 2022، مقارنة بـ 8.1 مليار جنيه تمويلات ممنوحة خلال الفترة المثيلة من عام 2021 بمعدل نمو بلغ 65.4%، بحسب تقرير الهيئة العامة للرقابة المالية.
وقالت مي عبد الحميد، الرئيس التنفيذي لصندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري، في تصريحات صحفية، إن البنوك والشركات ضخت في مبادرات التمويل العقاري ذات الفائدة المدعمة تمويلات بنحو 55.52 مليار جنيه حتى نهاية 31 يناير 2023، مقارنة بـ 54.47 مليار جنيه في شهر ديسمبر السابق له بزيادة نحو مليار و50 مليون جنيه. وأضافت أنه يشارك في مبادرات التمويل العقاري لمحدودي الدخل 8 شركات للتمويل العقاري، وسجل إجمالي التمويلات المقدمة من الشركات نحو 2.333 مليار جنيه حتى نهاية يناير 2023.
ولكن الفترة الحالية ما زالت تحتاج إلى المزيد من التمويلات، للنهوض بالقطاع العقاري، حيث ناشد العديد من المطورين والخبراء بضرورة تذليل الصعوبات التي تواجه التمويل العقاري. وفي التقرير التالي تسلط «إنفستجيت» الضوء على أهمية دور شركات التمويل في مجابهة التحديات الراهنة.
الدعم الحكومي
أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، على ضرورة وضع مجموعة من الإجراءات التي تستهدف النهوض بنشاط التمويل العقاري، مشيرًا إلى أنه يهم قطاعًا عريضًا من المواطنين المهتمين بالحصول على وحدات سكنية وفق هذا النظام التمويلي الذي يستفيد منه المواطن وشركات التمويل العقاري؛ وهو ما سيسهم في مزيد من النشاط بسوق العقار، ويحدث انتعاشة اقتصادية.
ووجه مدبولي بتشكيل لجنة مكونة من كل من الدكتور محمد فريد، رئيس هيئة الرقابة المالية، ومي عبد الحميد، الرئيس التنفيذي لصندوق الإسكان الاجتماعي، ورنا بدوي، وكيل محافظ البنك المركزي للتعليمات الرقابية؛ لإعداد برنامج متكامل للنهوض بنشاط التمويل العقاري.
دور شركات التمويل
من جانبه، أكد أيمن عبد الحميد، رئيس شركة التعمير للتمويل العقاري «الأولى»، في تصريحات خاصة لـ «إنفستجيت»، أن شركات التمويل العقاري لها دور كبير في النهوض بالقطاع العقاري، ودائمًا ما تكون حلًا فعالًا لأزمة ارتفاع أسعار العقار؛ حيث أنه يتم تقسيط ثمن الوحدات على المدى البعيد ولسنوات طويلة، ولا تجعل العميل يتحمل عبئًا مباشرًا في وقت قصير، كما أنها تعد فرصة حقيقية لجميع الشباب والخريجين الذين يرغبون في الحصول على وحدة سكنية جاهزة.
وعلى الرغم من ذلك، أكد عبد الحميد أنه في ظل ارتفاع الفائدة، ينكمش دور شركات التمويل العقاري، لأن التمويل يكون مرتفع التكلفة جدًا، وبالتالي يكون تكلفة إضافية على العميل.
تحديات التمويل
أضاف عبد الحميد أن التمويل العقاري في مصر يواجه مشكلتين حقيقتين؛ تتمثل الأولى في ارتفاع أسعار العقار، والثانية في ارتفاع سعر العائد، حيث ارتفعت العقارات في بعض الأماكن بنسبة 50 إلى 60%، وكلما ارتفع العائد بنسبة 1% تزداد التكلفة على العميل من 6 إلى 10% من قيمة التمويل، حيث زادت التكلفة خلال 2022 بقيمة 8% مما شكل عبئًا إضافيًا على العميل، لذلك كان هناك انخفاضًا في تمويل العميل خلال الفترة الماضية، مشيرًا إلى أن هناك بعض المعوقات القانونية ولكن من السهل إيجاد حلولًا لها.
وأفاد رئيس شركة التعمير للتمويل العقاري «الأولى» بأنه ليس هناك آلية معينة للنهوض بنشاط التمويل العقاري، حيث أن القطاع العقاري سينتعش في حالة وقوع مجموعة من الأحداث، التي من شأنها تؤدي إلى انخفاض العائد، لافتًا إلى أن زيادة المتاح من العقارت سيعمل على خفض حدة الارتفاع في الأسعار خلال الفترة الحالية.
وفي سياق متصل، قال خالد حاتم، المدير التنفيذي لشركة «العربي الإفريقي» للتمويل العقاري، في تصريحات صحفية، إن ارتفاع معدلات التضخم واحدة من أكبر الأزمات التي تواجه العديد من القطاعات في الوقت الحالي، ومن بينها سوق التمويل العقاري المصري نظرا لارتفاع أسعار الفائدة، حيث تسبب التضخم في زيادة أسعار العقارات بصورة كبيرة نتيجة ارتفاع أسعار مواد البناء، والفائدة على أقساط الأراضي المخصصة للمطورين العقاريين، وتأثرهم بارتفاع سعر الفائدة.
وأوضح حاتم أنه ما بين ارتفاع أسعار الفائدة، وأسعار العقارات تواجه شركات التمويل العقاري تحديات وليس فقط بالنسبة للعملاء الجدد، ولكن أيضًا بالنسبة للعملاء الحالين؛ حيث يتعرض الآن عددًا متزايدً من المقترضين لضغوط بسبب زيادة قيمة العائد على قيمة التمويل الواجب سداده. وأضاف أن انخفاض القوة الشرائية والملاءة المالية للعملاء، فى ظل ارتفاع الأسعار يخفض الإقبال على شراء الوحدات السكنية بالرغم من زيادة المعروض بالسوق.
التمويل العقاري بالعاصمة الإدارية
تتجه الأنظار نحو العاصمة الإدارية الجديدة، حيث أنها تحتوي على فرص استثمارية كثيرة، وهناك طلبات عديدة من المطورين العقاريين وبعض الشركات للتواجد داخل العاصمة، ولكن الأمر يتطلب المزيد من التمويلات، ووضع بعض الإجراءات التى من شأنها النهوض بالمشروعات المختلفة.
وفي هذا الصدد، أشار عبد الحميد إلى أن شركات التمويل العقاري لديها الاستعداد الكامل لتمويل الأفراد بمشروعات العاصمة الإدارية الجديدة، على حسب رغبة العميل، متابعًا أن شركة التعمير للتمويل العقاري «الأولى» تمول حاليًا شراء بعض المحافظ للمطورين بالعاصمة الإدارية، لافتًا إلى أن شركته تستهدف تحقيق مليار و600 مليون جنيه تمويلات خلال 2023.
تمويل الوحدات تحت الإنشاء
وفيما يتعلق بتمويل المشروعات تحت الإنشاء، أفاد عبد الحميد بأن شركات التمويل العقاري لا تخاطر بتمويلاتها، ولكن في حالة وجود آلية واضحة تنظم العلاقة بين الممول والمطور والعميل ستقوم الشركات بذلك بالتأكيد.
ومن جانب آخر، صرح محمد سمير، الشريك وعضو مجلس الإدارة التنفيذي لشركة «بيت مصر» لخدمات التمويل العقاري، في تصريحات صحفية، بأن قرار الهيئة العامة للرقابة المالية بالموافقة على تمويل الوحدات تحت الإنشاء سينعش منظومة التمويل العقاري والسوق العقاري بشكل كبير.
وأكد سمير أنه في ظل توجه الدولة والحكومة للمشروعات تحت الإنشاء وتنفيذ المدن الجديدة ومدن الجيل الرابع كالعاصمة الإدارية، لابد من تفعيل برنامج تمويل الوحدات تحت الإنشاء لحل أزمة تكلفة التمويل العقاري وزيادة انتشاره.
علاوةً على ذلك، أضاف سمير أن أغلب شركات التطوير العقاري في تبيع وحداتها بنظام «أوف بلان»، فضلًا عن هناك عدد محدود من الوحدات التي تنطبق عليها شروط التمويل العقاري، مؤكدًا أن عدد الوحدات الصالحة للتمويل حاليًا هي 2 مليون وحدة فقط وهذا يمثل عائقًا كبيرًا أمام العميل.