في ظل تحديات ارتفاع التضخم.. مقترحات لتسهيل إجراءات التمويل العقاري لمواجهة الركود

في ظل تحديات ارتفاع التضخم.. مقترحات لتسهيل إجراءات التمويل العقاري لمواجهة الركود

في ظل التطورات والأزمات الاقتصادية المتسارعة على مستوى العالم؛ التي أدت إلى ارتفاع أسعار العديد من السلع، ومنها مواد البناء، وبالتالي زيادة تكلفة تنفيذ المشروعات العقارية، وارتفاع سعر البيع للعملاء، كل هذا يجعل التمويل العقاري الحل الأمثل والتوجه الوحيد، للحفاظ على استمرار حركة ونشاط السوق العقاري.

حيث إن تنفيذ آلية التمويل العقاري، وإتاحتها أمام المطورين والأفراد؛ ينتج عنها تنشيط السوق وحركة المبيعات، وسرعة دوران رأس المال، علاوة على حماية المطورين من خطر تذبذبات الأسعار، والأزمات المحتملة. لذلك لم تدخر الدولة جهدًا في دعم ملف التمويل العقاري، وأطلقت المبادرتين الخاصتين بمحدودي ومتوسطي الدخل، الأولى مبادرة الـ 3% متناقصة لمدة حدها الأقصى 30 عامًا والصادرة في يوليو 2021، والثانية مبادرة الـ 8% ويصل حدها الأقصى للتسديد على 25 عامًا والتي صدرت في ديسمبر 2019، والمطروحتان من قبل رئيس الجمهورية، ودعمها البنك المركزي المصري بمشاركة العديد من الشركات والبنوك.

وعلى الرغم من النجاح الذي حققته مبادرتي التمويل، إلا أنه ما زال هناك بعض التحديات التي تواجه ملف التمويل العقاري في مصر، لذلك تلقي «إنفستجيت» الضوء على تلك التحديات والمعوقات، وأبرز المقترحات لحلها، من أجل مواجهة موجة التضخم الحالية، ودعم السوق العقاري في تخطي الأزمات الاقتصادية الراهنة.

التحديات والعوائق

في هذا الصدد، قال علاء فكري، عضو مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري، إن “لدينا مشكلتين أساسيتين في التمويل العقاري، الأولى؛ هي نسبة الفائدة، حيث تعد عائقًا، فعلى سبيل المثال خلال 10 سنوات تكون تكلفة التمويل حوالي 80% من مبلغ القرض نفسه، وهي نسبة كبيرة”، مشيرًا إلى أن “التمويل العقاري فكرته وفلسفته على مستوى العالم مبنية على نسبة فائدة منخفضة، وتقسيط على فترة طويلة، ويكون القسط قريبًا من القيمة الإدارية التي ممكن أن يدفعها المشتري، ولكن لا يوجد ذلك في مصر”.

وأضاف فكري أن المشكلة الثانية تتمثل في إجراءات تنفيذ عملية التمويل، حيث تختلف من بنك إلى آخر، ومن شركة لأخرى، ولكن في المجمل كلها تستغرق وقتًا طويلًا جدًا، وفي معظم الأحيان يرفض العميل أن يستكمل مع البنك، ويتجه لأنظمة التقسيط التي يقدمها المطور.

واتفق معه، المهندس فتح الله فوزي، رئيس لجنة التشييد بـ «جمعية رجال الأعمال المصريين»، حيث أكد أن سعر الفائدة يعتبر من أهم التحديات التي تواجه التمويل العقاري، وأن نجاح التمويل العقاري في مصر يتوقف على منح العميل 80% من قيمة الوحدة، كما أنه لا يوجد أية مبادرات مفعلة للوحدات التي يقوم بها القطاع الخاص.

وفي السياق ذاته، أكد المستشار أسامة سعد الدين، المدير التنفيذي لغرفة التطوير العقاري، أن وجود التمويل العقاري شيء وجوبي؛ لأنه له دورًا كبيرًا في توسيع الملاءة المالية للمطورين العقاريين والمشترين أيضًا، ولكن البنوك وضعت ضوابط صعبة جدًا في إجراءات التنفيذ، فتفعيل المبادرة كان قليلا جدًا، بسبب الاشتراطات التي وضعتها البنوك لضمان القرض، مما تجعل الأفراد تعجز عن شراء الوحدة.

وأوضح سعد الدين أنه تم التواصل مع الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلي الوزراء، لحل هذه الأزمة، وتم تقديم مقترحًا ينص على أن الوحدة تحفظ قيمة القرض، وعندما يتعثر الفرد عن السداد، يقوم المطور نفسه بتسديد قيمتها للبنك، كجزء من الضمانات للبنك.

علاوةً على ذلك، لفت المهندس بشير مصطفى، الرئيس التنفيذي لـ «فرست جروب» للتطوير العقاري، خلال مائدة «إنفستجيت» المستديرة تحت عنوان “عوامل انتعاش سوق العقارات المصري بعد قرارات الحكومة الأخيرة.. أبرز الفرص والتحديات”، إلى أنه يجب أن تكون منظومة التمويل العقاري في مصر مبسطة بشكل أكبر، لأنها أحيانًا تتعارض مع وجهة نظر المطور العقاري، مقترحًا أنه يجب على البنوك تعديل بعض اللوائح الداخلية لمنح التمويل للمطورين حتى يتم إطلاق المشروع بعد اكتماله بنسبة 30% وفقًا لتوجيهات الرئيس.

شروط الإقراض

توالت المطالبات خلال الفترة الماضية، بإعادة البنك المركزي النظر في الضوابط الموضوعة لإقراض المطورين العقاريين، لتجنب الفوائد المرتفعة التي تتحملها الشركات العقارية والتي تؤدي إلى زيادة أسعار المنتجات العقارية على العميل، فضلًا عن صعوبة حصول الشركات على التمويلات.

أكد فكري على ضرورة توفيق الأوضاع مع الأسعار والتكاليف الجديدة، لأن الجنيه المصري في الفترة الحالية انخفض بنسبة 60%، وليس من الممكن أن يظل البنك المركزي مستمرًا بنفس الأسعار والمستويات السعرية التي وضعها قبل التعويم.

كما لفت سعد الدين إلى أنه تم الاجتماع مع لجنة من البنك المركزي وتم مناقشة شروط الإقراض، وقامت الغرفة بوضع بعض المؤشرات وهي محل دراسة الآن، موضحًا أن معدل الإقراض ليس فقط مبالغًا فيه؛ ولكن بعد أن يتفق الممول أو المطور مع البنك على القرض بنسبة معينة، في وقت التفعيل يتم وضع مصاريف إدارية وأشياء كثيرة جدًا ترتفع بقيمة معدل الفائدة، وبالتالي تثقل على المطور، آملًا أن يكون معدل الفائدة شامل المصاريف بالكامل، لأنه بذلك الشكل لا يشجع المطورين على الاقتراض.

«المركزي» يتوقف عن دعم التمويل العقاري

أصدر الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، قرارًا ونشرته الجريدة الرسمية في الـ 20 من نوفمبر؛ ينص على نقل تبعية مبادرات التمويل منخفضة العائد من «المركزي» إلى جهات حكومية، تشمل وزارات الإسكان والمالية والسياحة، وتتحمل وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية تكلفة سعر الفائدة المدعمة على مبادرتي 3% و8%، كما خفض البنك المركزي الشريحة المخصصة في مبادرة 8% من 50 مليار جنيه إلى 15 مليار جنيه، بحسب القرار.

وتعليقًا على هذا القرار، وتأثيره على التمويل العقاري، أشارت الدكتورة عبير عصام، عضو مجلس إدارة غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات، إلى أن القرار صدر من مجلس الوزراء بعد دراسة دقيقة، ويحمل العديد من المميزات، وتقوم الغرفة بدراستها بما يحقق مصلحة العملاء وتمويل المطورين العقاريين، مؤكدة أن التمويل العقاري هو الفرصة الوحيدة لشراء العقار في مصر في الوقت الحالي، للخروج من مأزق الركود العقاري.

ولفتت إلى أن الغرفة قدمت توصية إلى مجلس الوزراء بأن يتم التمويل العقاري بنسب، فعلى سبيل المثال، لو العمارة بها هيكل خرساني يتم التمويل بنسبة 30%، ولو بها طوب وبعض التفاصيل يكون التمويل بنسبة 50%، وهذا يعطي الفرصة للشركات أن تأخذ التمويل على أجزاء، وبالتبعية يأخذ العميل التمويل على أجزاء أيضًا، وننتظر سن وتشريع قانون بهذه التوصية، لكي تتمكن البنوك من تغطية التمويل الجزئي للوحدات السكنية.

مقترحات لتسهيل التمويل العقاري

أشار سعد الدين إلى أنه إذا توسعت مبادرات التمويل العقاري وشملت المباني تحت الإنشاء، وليس فقط الصالحة للسكن مباشرة، ستشجع المطور وسينشط السوق بشكل أكبر وتزيد نسبة البيع، موضحًا أن هناك 90% من المطورين لا يقوموا بالتشطيب، وعندما يتم مطالبته بالتشطيب يقوم بوضع مبالغ أزيد من المطلوبة منه، وبالتالي هناك من يرفض لأن عملية التشطيبات تأخذ وقتًا أطول.

وأكد المهندس أمين مسعود، عضو مجلس النواب، وأمين سر لجنة الإسكان والمرافق بالبرلمان، على ضرورة البحث عن آلية جديدة لشمول مبادرة التمويل العقاري المباني تحت الإنشاء، لتشجيع المطورين، مشددًا على ضرورة أن تولي الدولة ملف التمويل العقاري أهمية قصوى، لتنشيط الحركة الاقتصادية.

وفي سياق متصل، طالب نادر خزام، رئيس مجلس إدارة شركة «IL Cazar»، خلال المائدة المستديرة السالف ذكرها، بتمويل الوحدات تحت الإنشاء، قائلًا: “يجب أن تتضمن خطة التمويل العقاري وحدات تحت الإنشاء مع أرض المشروع وذلك كضمان، وإعطاء محفظة المطور وقيمتها في السوق، متابعًا أنه إذا تحقق ذلك سيؤدي إلى ازدهار السوق بشكل أكبر، وسوف يساهم في تقليل عبء السعر على العملاء، وتقليل التكلفة على المطورين”.

وعلى الجانب الآخر، عارض فكري التمويل العقاري للمباني تحت الإنشاء، موضحًا أن ذلك يعد تمويل إنشاءات، وهو نوعًا آخر تقدمه البنوك، وله إجراءات خاصة به، ولكنه أكد على ضرورة سرعة الإجراءات، وتحديد إطار زمني للمبادرة، مشددًا على ضرورة وجود مبادرات طويلة المدى لكي يبنى عليها خطط استثمارية، بالإضافة إلى توافق المنظومة مع مستوى الدخل في مصر، لافتًا إلى أن الدولة بالفعل تستطيع القيام بذلك في مشروعاتها بكفاءة، وتطوع شروط التمويل العقاري بما يتوافق مع دخل المواطن، ولكن العقبة في القطاع الخاص.

تسجيل الدخول

Welcome! Login in to your account

تذكرني فقدت كلمة المرور؟

لا تملك حساب Register

فقدت كلمة السر

Register