هل أثرت شهادات الادخار على الاستثمار العقاري في مصر؟

هل أثرت شهادات الادخار على الاستثمار العقاري في مصر؟

كتبت: إيمان إبراهيم

في مطلع يناير 2023 طرح بنكا الأهلي ومصر شهادات ادخار جديدة لأجل عام، بعائد 25% يصرف في نهاية المدة، أو 22.5% يصرف شهريًا، وتعد تلك العوائد هي الأعلى على شهادات الادخار في مصر، في محاولة من الدولة لكبح جماع معدلات التضخم، وتعزيزًا للعملة المحلية من خلال جذب المدخرات الدولارية لدى المواطنين.

ولاقت تلك الشهادات، عند إصدارها إقبالًا لدى العملاء على اختلاف أطيافهم، بما فرض على الجميع سؤالًا هل تضغط تلك الشهادات على الاستثمار العقاري ليفقد بريقه من خلال تأثيرها على حجم الإقبال عليه سواء من جانب العملاء أو الشركات؟

هنا اختلفت آراء الخبراء في تصريحاتهم لـ «إنفستجيت»، فقد قال أحدهم أن تلك الشهادات لم تؤدي النتيجة المطروحة منها؛ نظرًا لاتجاه العملاء لكسر الشهادات ذات العائد الأقل والتحويل للشهادات الجديدة لذا فهناك سيولة متوفرة في السوق، وقال خبير آخر أن الاستثمار العقاري يتشكل من حاجة المواطنين له، وبين آخر أن الإقراض للقطاع العقاري قد يتأثر بعد رفعة تلك التكلفة بالبنوك.

هل أثرت الشهادات على القطاع العقاري؟

قال عزالدين حسانين، الخبير الاقتصادي والمصرفي:” لم يحدث تأثير قوي على الاستثمار العقاري في مصر تبعًا لإصدار تلك الشهادات، وذلك استنادًا إلى تصريحات محمد الأتربي، رئيس مجلس إدارة اتحاد بنوك مصر، التي أوضح خلالها أن 30% من السيولة التي استقطبتها الشهادات كانت من خارج القطاع المصرفي، رغم أني أرى أن النسبة قد تكون أقل”.

وأضاف حسانين أن حجم السيولة الموجودة في السوق المصري ارتفع خلال نوفمبر الماضي بحسب بيانات البنك المركزي بنحو 650 مليار جنيه، في حين أن تلك الشهادات استقطبت من 120 إلى 130 مليار جنيه من خارج القطاع المصرفي، أما باقي المبالغ التي جمعتها تلك الشهادات فكان من خلال كسر الشهادات ذات عائد أقل مثل 11% وتحويلها إلى الشهادة الجديدة.

وأوضح حسانين أنه نتيجة لذلك فما تزال هناك سيولة كبيرة في السوق المصري توجه إلى مختلف القطاعات، ومنها القطاع العقاري الذي يحظى بالمركز الأول في الاستثمارات الآمنة على المدى المتوسط في مصر، وقد يتبعه الذهب والدولار اللذان يتأثران بالأحداث والمجريات العالمية. وعن استخدام جزء من تلك السيولة المستقطبه للبنوك إلى المحفظة العقارية ذكر حسانين:” من يستطيع أخذ قرض بتكلفة قد تصل إلى 30% لتعويض تكلفة البنوك؟ لذا فقد تتجه الشهادات إلى أذون الخزانة”.

من جانبه، ذكر المهندس فتح الله فوزي، نائب رئيس مجلس إدارة «جمعية رجال الأعمال المصريين»، ورئيس لجنة التطوير العقاري والمقاولات، أن هناك فئتين يتجهون إلى العقار أولهما للاحتياج وتلك الفئة لن تتأثر بالأسعار أو مُغريات أدوات الاستثمار الأخرى، أما الفئة الأخرى فهي للاستثمار وتلك قد تتأثر بنسبة تتراوح بين 10 إلى 15% نتيجة لإصدار الشهادات ولكن مدة الشهادة عام واحد فقط، لذا فبعد انقضاءه قد تعود قيمتها من جديد إلى الاستثمار العقاري، فالسكن يعد ملاذً آمنًا للمدخرات على مدار سنوات أطول إن لم يكن الأكثر أمانًا.

وفي المقابل، أكد عبد الناصر طه، رئيس مكتب مصر لدى الاتحاد الدولي للعقار، على أن إصدار تلك الشهادات والإقبال عليها سوف يؤثر على كل جوانب البيع والشراء والاستثمار في القطاع العقاري، متابعاً:” 25% عائد للعملاء فما الفائدة التي سيطرحها البنك على المطور العقاري عند حصوله على قرض؟ ففي حالة زيادة عائد الإقراض على المطور سوف يزيد ذلك من حجم أعباءه”.

وأوضح طه أن شريحة المشترين لغرض الاستثمار سوف تتأثر عند مقارنتهم حجم العائد المردود إليهم مع الشهادات بأدوات الاستثمار الأخرى، إلى جانب اعتبار الاستثمار بالشهادات أكثر أمانًا وأسهل في توفير السيولة من حيث الاسترداد، منوهًا بأنه رفع العائد قد يضر بالنشاط الاقتصادي فكلما قل معدل العائد على الإقراض زاد النشاط الاقتصادي.

الاحتياج للعقار

كشف حسانين أن الإقبال في الفترة الأخيرة ليس كبيرًا على الاستثمار العقاري لحاجة العديد من المستثمرين إلى المكسب السريع على المدى القريب، ولكن يلجأ إليه باعتباره احتياج لدى المواطنين أو استثمار على المدى المتوسط أو الطويل، أو المالكين لفوائض مالية كبيرة، والراغبين في النزوح إلى المدن الجديدة، مؤكدًا أن العقار يعد الاستثمار الأفضل والآمن فأسعاره ترتفع بنسب تتراوح بين 25 و30% سنويًا.

وذكر حسانين أن من أسباب الإقبال على القطاع العقاري يتمثل في سنوات السداد الطويلة التي تدعمها شركات التطوير العقاري، بما يتيح لشريحة كبيرة من العملاء اقتناء عقار للاحتياج أو الاستثمار بصعوبات أقل.

وفي ذات السياق، أكد فوزي وجود احتياجًا كبيرًا للسكن من جانب المواطنين بنحو 500,000 وحدة سنويًا، وتنامي عدد السكان، فالسكن يعد سلعة استراتيجية في مصر قد تتعرض لضغوط ولكن يستمر الحاجة إليها.

محفزات يحتاجها القطاع

بين حسانين أن القطاع العقاري بحاجة لمبادرة تمويل جديدة منخفضة العائد للمشترين أو المطور العقاري، كالتي أطلقتها الحكومة مؤخرًا بقيمة 150 مليار جنيه لقطاعي الزراعة والصناعة، وبفائدة 11%، وذلك نظرًا لعدم تفعيل المبادرات السابقة التي أطلقها البنك المركزي للتمويل العقاري مثل مبادرة 3%.

علاوةً على ذلك، أكد فوزي على أن القطاع العقاري في احتياج إلى مبادرات التمويل لضمان استمرار انتعاشه ونشاطه، مشيرًا بذلك لمبادرة الـ 11% المطروحة للقطاعين الصناعي والزراعي، ودعا إلى أن تشمل القطاع العقاري أيضًا حتى يحافظ على بريقه الاستثماري.

وفي سياق منفصل، كشف طه أن القطاع العقاري يواجه مشكلات في الفترة الحالية تتعلق بصعوبة التسييل، أو إعادة البيع، فبعض المستثمرين لديهم عقارات يحتاجون إلى إعادة بيعها للاستثمار في الشهادات أو الذهب، باعتبارهما أسهل في توفير السيولة. وتابع طه:” القطاع العقاري جزء من الوعاء الاقتصادي للدولة ككل والدولة حاليًا تعمد إلى تحسين وعائها الاقتصادي في الداخل والخارج، فبعد النجاح في ضمان الاستقرار بالمدخلات والمخرجات للتركيبة الاقتصادية سوف ينعكس ذلك على النشاط الاقتصادي والاستثمار بكافة قطاعات وليس العقاري فقط”.

وبين طه أن التمويل العقاري لا يعد حلاً في الفترة الحالية لدعم انتعاش القطاع، فالنشاط الاقتصادي سواء صناعي أو تجاري مع البنية التحتية القوية التي تمتلكها مصر حاليًا سوف يشكلون قوة دعم أساسية للنشاط العقاري.

وختامًا، أوضح الخبراء أن شهادات الادخار قد تنجح في جذب جزءًا من السيولة الموجودة في السوق المصري، ولكن لن تستقطبها كلها؛ وذلك لتنوع الأدوات الاستثمارية التي يشكل العقار أهمها على المدى المتوسط إلى الطويل، رغم حاجة القطاع إلى عدة محفزات في الفترة المقبلة بعضها تمويلي، والآخر بدعم النشاط الاقتصادي في البلاد ككل.

تسجيل الدخول

Welcome! Login in to your account

تذكرني فقدت كلمة المرور؟

لا تملك حساب Register

فقدت كلمة السر

Register